والثاني: أن ما ذكرتم يفضي إلى أن يصوم رمضان إحدى وثلاثين.
قلنا: هذا لا يصح؛ لأنا نحمل قوله:«فعدوا شعبان ثلاثين، ثم صوموا»(١)، أراد به اليوم الأخير إذا غمّ رمضان، وهو يوم الحادي وثلاثين.
وقولهم: يفضي إلى صيام أحد وثلاثين.
قلنا: يجوز مثل ذلك الاحتياط، كما إذا شك في صلاة من يوم، احتاط فصلى خمساً، وكما يحتاط فيغسل ما فوق المرفق، وفوق الكعب احتياطاً.
وأما نهيه عن صيام يوم الشك.
قلنا: قد أجاب إمامنا ﵁ عن ذلك فقال:/ الشك على ضربين، يوم الشك في الصحو، وهو أن يتتارك الناس الترائي للهلال، أو يخبر برؤيته واحد فاسق، فهذا كله يورث شكّاً، ولا يجوز الصوم، فحمل النهي عليه، ويكون الشك في الغيم، فيجب الصوم تحرياً (٢)، وفي ذلك جمع بين الأخبار، وهو أولى من الأخذ ببعضها، واطراح البعض، أو نحمله على الصوم عن غير رمضان، إما نفل، أو قضاء، أو نذر، أو كفارة بدلائلنا التي تقدمت.
أما قولهم: عبادة، فلا تجب مع الشك؛ باطل بالمسائل التي قدمناها؛ فإنها تلزم مع الشك.
الثاني: أن الصلاة هو الحجة؛ لأنه إذا تحقق أنه قد مضى من الوقت مالم يبق من مستقبله إلا ما يفعل فيه الصلاة أو يخرج الوقت، وجب فعلها، ولا يبلغ التأخير إلى حد يجوز معه فواتها، على أنا نقول: هذا باطل بالوقوف بعرفة، تقفون ما يجوز أن يكون ثامناً، وما يجوز أن يكون تاسعاً احتياطاً؛ ولأنه لما لم يجز تقديم الصلاة مع التردد في دخول الوقت؛
(١) تقدم تخريجه. (٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح ص ٣٣٨.