للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفقه فيه: أنها عبادة، فلا تجب مع الشك، دليله سائر العبادات من الحج، والصلاة، والزكاة، والطهارة.

وربما قالوا: عبادة موقوفة، فلا يجوز الشروع فيها قبل تحقق وجوبها، كالأصل، وهذا لأنه لم يوجد سوى الغيم، والغيم ليس بسبب لإيجاب صوم، وإنما غاية أثره أنه مانع [وساتر] (١) وحجاب، وإنما الدلالة على الشهر، إما هلال، أو كمال عدد، ولم يوجد مع الغيم واحد منهما.

وحرروا من هذا عبارة، وقالوا: لم يروا الهلال، ولا أكملوا العدة، فلا يجب الصيام كاليوم التاسع والعشرين، يدل عليه أن الأصل براءة الذمة من الصوم، فلا يجب إلا بقيام دليل الإيجاب، ولا سبيل إلى ذلك قبل تحقق أحد السببين، إما إكمال العدة، أو رؤية الهلال.

ومنهم من قال: شكٌ، فلا يجب الصوم معه، كما لو كان مع الصحو، وحصول الشك في الصحو أن يتقاعد أهل القرية عن الترائي، أو بحدوث شاغل في المصر من فتنة، أو حريق، أو ما شاكل ذلك فلم يتراءوا له، فإنه لا يجب الصوم من الغد، وإن كان جميع ما يوردونه من الاحتياط في الواجب، وبترك المحظور موجوداً يدل عليه، وهو أن المانع من طلوع الهلال تارة يكون الغيم، وتارة يكون البعد الذي تختلف لأجله المطالع، ثم البعد الذي تختلف لأجله المطالع لا يتأتى معه وصول الخبر إلا بعد فوات اليوم، لم توجبوا الصوم لأجله مع تجويزكم طلوع الهلال في الإقليم الآخر، ومجيء الخبر بذلك مع مدة يصل فيها الخبر،


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (فساتر)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>