للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان من رمضان على ما مر، وقال ـ صلَّى الله عليه ـ: «الشهر تسع وعشرون» (١)، وقال : «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا»، وخنس (٢) الإبهام في الثالثة (٣)، وروي عنه أنه حلف أن لا يكلم بعض نسائه شهراً، فكلمها في التاسع والعشرين، فقالت: يا رسول الله، حلفت شهراً، فقال: «الشهر تسع وعشرون» (٤).

وأما الحقيقة: فإن شعبان زال، وانقضى، وإنما قلنا ذلك؛ لأن بالغيم زال يقين الشعبانية، فلم يبق؛ لأن شعبان عبارة عن شهر لم يطلع فيه هلال الشهر الآخر، وبالغيم احتمل أن يكون قد طلع الهلال، ويجوز أن يكون ما طلع، فقد زال يقين الشعبانية، وتجدد جواز دخول رمضان موقفاً موقفاً، ويترجح رمضان بأنه طارئ قد أشفى على البيوت، وشعبان زائل قد أشفى على الزوال، فرجح رمضان على شعبان، والجمع بينهما غير ممكن، فعينت الرمضانية.

يدل عليه: أن زوال شعبان لا بد منه قطعاً ويقيناً إن كان في اليوم، وإلا في الغد، ومجيء رمضان لا بدّ منه قطعاً ويقيناً، فإذا وقع التردد والشك ترجح رمضان على شعبان، فكان هذا اليوم من رمضان دون شعبان، يدل عليه أن الشك إذا طرأ على اليقين زال حكمه، وصاركما لو طلق إحدى نسائه، ثم نسي عينها فإنه يحرم عليه وطء الجميع، وإن كان بيقين أن [ثلاثاً منهنّ] (٥) حلال، ولكن لما وقع الشك فيهن حرمن عليه، وكذلك إذا اختلطت أخته بأجنبيات، ومُبانة بملكيّات؛ فإنه يزول اليقين وحكمه،/ ويثبت الحكم الطارئ حتى يحرم عليه التزويج بالأجنبيات، وإن كانت أخته واحدة منهن، فذهب حكم الإباحة المقطوع بها


(١) تقدم تخريجه.
(٢) خنس إصبعه، أي: قبضها. [ينظر: تهذيب اللغة ٧/ ٨١، الصحاح ٣/ ٩٢٥].
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) الذي ورد أنه حلف أن لا يدخل عليهن، وقد تقدم تخريجه.
(٥) ما بين المعكوفين في الأصل: (ثلاثة منهم)، وما أثبته هو الصحيح لغة.

<<  <   >  >>