بما روي عن الفضل بن العباس (١)، والمطلب بن ربيعة (٢) أنهما أتيا النبي ﵇، فسألاه العمالة، فقال:«إن الصدقة إنما هي أوساخ الناس؛ وإنها لا تحل لمحمد وآل محمد»(٣). ولو خرجت عن كونها صدقة إلى كونها أجرة لما حرمها، ألا ترى أنه لما قيل له في هدية بريرة (٤): إنه شيء تُصدق به عليها، قال:«هو عليها صدقة، ولنا هدية»(٥).
والفقه فيه: أن ذوي القربى إنما حرمت عليهم الصدقة في مقابلة ما أعطوا من الخُمُس، وإذا كان الاستحقاق باقياً وجب أن يكون حرمان الزكاة باقياً، ولا سيما أنه جعل لصيانة شرفهم عن أوساخ الناس، والشرف المصون باقٍ.
قالوا: ولأن ذوي القربى إذا كانوا من الغارمين، أو غزاة لم يدفع إليهم، كذلك فيما اختلفنا فيه.
(١) الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشمي، ابن عم النبي ﷺ، كان أسن ولد العباس، وغزا مع النبي ﷺ مكة، وحنيناً، وثبت معه يومئذ، وشهد معه حجة الوداع، وكان رديفه يومئذ، وشهد غسل النبي ﷺ، وكان يصب الماء على علي بن أبي طالب، توفي في طاعون عمواس، وقيل غير ذلك. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٢٦٩، أسد الغابة ٤/ ٦٦]. (٢) المطلب ـ ويقال: عبد المطلب ـ بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشمي، أمر النبي ﷺ بتزويجه لما سأله ذلك، ولم يزل بالمدينة إلى عهد عمر، ثم تحوّل إلى دمشق فنزلها ومات بها سنة ٦٢ هـ. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٠٠٦، أسد الغابة ٣/ ٤٠٤، الإصابة ٤/ ٣١٧]. (٣) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة ٢/ ٧٥٢، ح ١٠٧٢ من حديث عبد المطلب بن ربيعة. (٤) بريرة، مولاة عائشة، كانت مولاة لقوم من الأنصار، وقيل: لبعض بني هلال، فكاتبوها، فاشترتها عائشة، فأعتقتها، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها. [ينظر: الاستيعاب ٤/ ١٧٩٥، أسد الغابة ٣/ ٣٨، الإصابة ٨/ ٥٠]. (٥) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة على موالي أزواج النبي ﷺ ٢/ ١٢٨، ح ١٤٩٣، ومسلم، كتاب الزكاة ٢/ ٧٥٥، ح ١٠٧٥ من حديث عائشة.