للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الآية، والخبر؛ فواردان في أمر يخاف منه المضرّة على الإسلام، كالجهاد، والرسالة، والولايات، فأما في النقل والحمل فلا، بدليل ما ذكرنا، ولذلك لم نمنع من التزويج بنسائهم، وذلك يدل على أن الآية عادت إلى ما ذكرنا من ولايات الحرب والجهاد، دون عقود المعاوضات، والمعاملات، والنكاح عامة في الامتزاج، قال ـ سبحانه ـ: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (١)، وقال: ﴿فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ (٢).

وقولهم: لا أمانة له.

قلنا: هو أمينٌ في دينه، وليس يلزم أن يكون أميناً في ديننا؛ لأن القصد أن لا يكون مفرطاً، وأن يخاف الوعيد بحفظ المال، وذلك حاصل بما هو عليه من دينه، كما شرطنا عدالته في دينه في قبول الشهادة نحن (٣)، وأبو حنيفة/ في الشهادة (٤)، وهذه في الحقيقة وكالة، وأمانة الوكالة موجودة فيه، ولذلك صح أن يوكِّله الوصي في أموال اليتيم تبعاً، وإتباعاً، ويعرفه الإمام المقادير المأخوذة كما يعرف الوكيل أجرة العقار، ومقادير أثمان الأعيان.

والرواية الأخرى في المذهب: أنه لا يجوز أن يكون المتولي لها يهوديّاً، ولا نصرانيّاً.

قال أحمد ـ وقد سأله أبو طالب عن اليهودي والنصراني يستعمل في أعمال المسلمين مثل الخراج ـ فقال: لا يستعان بهم في شيءٍ (٥).

فعلى هذا إنما لم يجز أن يكون عاملاً لما ذكروا من المعنى، وهو الخيانة وما شاكل ذلك، أو لأنه ولاية وأمانة، والكفر ينافي الولايات، والأمانات جميعاً، فإما أن يكون لأجل أنه ليس بأجرةٍ فلا.


(١) الرُّوم: ٢١.
(٢) الفُرقان: ٥٤.
(٣) ينظر: الإنصاف ١٢/ ٤٧، المبدع ١٠/ ٢١٩.
(٤) ينظر: بدائع الصنائع ٦/ ٢٧٠، العناية ٧/ ٣٧٦.
(٥) ينظر: الإنصاف ٤/ ١٤٣.

<<  <   >  >>