للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأوضاع الأصلية كيف تغير، ولا يجوز أن يقال: يجب القصاص على المشتركين حتى لا يكون ذريعة، كذلك هاهنا؛ وهذا خطأٌ، فإن القتل يمكن أن يجعل ذريعة/ إلى إهدار الدماء وسفكها، فأما البيع المشروع في الأصل لمصلحة العباد كيف يكون ذريعة إلى إبطال حقٍّ، وهو في الأصل ذريعة إلى تحقيق الحقوق، ثم لو حال الحول وجبت الزكاة، فلو دفع الزكاة إلى الفقير، وأقبضها، ثم استوهبها منه، أو اشتراها منه بشيءٍ يسيرٍ، فهذا قد يجعل ذريعة، ومع هذا فلا خلاف في أن الزكاة التي أدَّاها وقعت موقعها، ولم ينتفع المسكين بها.

ومنهم من قال: إن الشرع أوجب الزكاة في نصابٍ على شرط الحول، وما كان للرفق فإنما يكمل في حقٍّ كاملٍ يحول على نصابٍ كاملٍ، فإذا أكل شاة قبل الحول، أو شاة في أول الحول، أو في وسطه، فلو أوجبنا الزكاة عليه أجحفنا به، وأوجبنا الزكاة في مالٍ لم يكمل إرفاقه به، فلا محمل له إلا أن يقال: إنه كان قادراً على أن يرتفق بالنصاب، ويحمل لنفسه ما تجب فيه الزكاة، وهذا لا وجه لاعتباره، فإن الجواد الذي ينفق خزائن أمواله، وينفق نفقة واسعة، فإنه لو جمع لوجب، ولو كان يشتري الدور الكثيرة التي لا حاجة به إليها، ويتخذ الضيافات العظيمة، فقد فوَّت حقوق المساكين، ولا زكاة عليه، فدلَّ أن كل ذلك لا أصل له.

ولأنكم قد قلتم: إذا كان له نصابٌ من الماشية في بلدين لا زكاة، ويمكن أن يجعل ذلك ذريعة، أعني: تفريق الأموال في البلاد.

الجواب:

أما الحديث فهو مطرح الظاهر؛ لأن أبا حنيفة قال: نقصان [النصاب] (١) لا يمنع من إيجاب الزكاة في جميع الأحوال (٢)،


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (النصارى)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٢) ينظر: تحفة الفقهاء ٢/ ٥٧٠، البحر الرائق ٢/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>