للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد بيَّن المحل الذي يؤخذ منه البعير وأخذتم من غيره، وما قبل خمس وعشرين، قال : «في كل خمس ذود شاة» (١). وساق الغنم إلى الخمس وعشرين، فعدلتم عن الشاة في محلها إلى البعير قبل محله.

وأمَّا قولهم: إن الأصل في الزكاة وجوبها من الجنس.

قلنا: هذه دعوى لا دليل عليها؛ لأن الأصل ما أصَّله الشرع، فإذا أوجب الغنم ابتداء في الإبل لم يجز أن نقول: الأصل في الإبل الإبل؛ بل الأصل في كل محلّ ما شرعه، ووضعه من الجنس الذي أوجبه، على أن إيجابه لشاةٍ عن أربعين من الغنم لطفٌ، ورفقٌ ـ على زعمك ـ لقلّة المال، فإذا زادت/ على المئتين صار في كل مئة شاة، كثر المال، فقلَّ الواجب للفقراء، فما هذا على نمط، ولا يتضح منه ما ذكرت من التعليل، ولا يستمر، ولو تكلّف ربّ المال إخراج بقرة، أو بدنة، وجعل ذلك بدلاً من الشاة عن الأربعين سماحةً للفقراء بالجنس الأعلى عن الأدنى لم يقبل منه، ولم يجزئه عندنا (٢)، وعند الشافعي لا بطريق التقويم ولا غيره (٣)، وعلى قول أبي حنيفة لا يجوز بغير طريق التقويم (٤).

على أنه لو كان لما ذكرتم لكان يوجب التفضيل، وإن لم يكن درّ، ولا نتاج لما يفضي إليه، وينتفي في ثاني الحال كما أوجب بنت مَخَاض وإن لم يكن على صفة النماء، لكن لمَّا كانت من الجنس مارَّة إلى النماء أجزأت، ولا تصلح للحمل على ظهرها، ولا العمل عليها، فلمَّا عدل إلى الغنم علم أنه لا لما ذكرتم.

على أن الحج أفعالٌ، وجُعِل [جزاؤه] (٥) أموالاً، والصلاة


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر: الجامع الصغير ص ٧٢، الشرح الكبير لابن قدامة ٢/ ٤٧٥ وعبارته: «لم يجزئه، كما لو أخرج البعير عن أربعين شاة».
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٨٤، ٨٥، المجموع ٥/ ٣٦٢.
(٤) ينظر: المبسوط ٢/ ١٩١، بدائع الصنائع ٢/ ٢٨.
(٥) ما بين المعكوفين في الأصل: (جزائه)، وما أثبته هو الصحيح لغة.

<<  <   >  >>