ونفي الإضرار بالفقراء إلا الغنم، فإذا ثبت أنه رفق، فإذا تطوع على الفقراء بالبعير، فقد عاد إلى الأصل، وسمح بما أرفق به إرفاقاً للفقراء، وإسقاطاً لحقه، كما لو دفع أعلى السنين فأعطى بنت لَبُون (١) عن بنت مَخَاض (٢)، والحِقَّة (٣) عن بنت لَبُون، والجَذَعَة (٤) بدلاً من الحِقَّة.
الجواب:
أما الحديث فهو مطرح الظاهر؛ فإنه لا يملك الساعي الأخذ؛ بل المالك المزكي يعطي، ولا يأخذ من الخمس إلا الشاة، ولا يأخذ بعيراً، فلا حجة فيه في موضع الخلاف.
الثاني: أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ لمَّا قال: «خذ البعير من الإبل» بيَّن مكان الأخذ، ومحله، ونص على عين الجنس قبل المحل، فالمحل الذي نص على أخذ البعير منه بعد الخمس وعشرين قال:«وفي خمس وعشرين بنت مَخَاض»(٥)، وأنتم تستدلون بقوله:«خذ البعير من الإبل»
(١) ابن اللَّبُون: ولد الناقة إذا استكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة، والأنثى ابنة لَبُون، لأن أمه وضعت غيره فصار لها لبن. وهو نكرة ويعرف بالألف واللام، وجمع الذكور كالإناث بنات اللَبُون. [ينظر: الصحاح ٦/ ٢١٩٢، التنبيهات المستنبطة ٢/ ٤٠٠، المصباح المنير ٢/ ٥٤٨]. (٢) بنت المَخاض: هي التي كملت لها سنة فحملت أمُها، لأن الإبل سنة تحمل وسنة تربي، فأمه حامل قد مخض بطنها بالجنين، أو في حكم الحامل إن لم تحمل. [ينظر: التنبيهات المستنبطة ٢/ ٤٠٠]. (٣) الحِقُّ بالكسر: ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين وقد دخل في الرابعة، والجمع حِقاق، والأنثى حِقَّة وحِقّ، وجمعها حِقَق مثل: سِدْرَة وسِدَر، لأنهما استحقا أن يحمل عليهما واستحقا أن يطرق الذكر منهما الأنثى، واستحقت الأنثى أن تُطرق وتحمل. [ينظر: الصحاح ٤/ ١٤٦٠، التنبيهات المستنبطة ٢/ ٤٠٠، المصباح المنير ١/ ١٤٤]. (٤) الجَذَع قبل الثَّنِيِّ، والجمع جُذْعان وجِذاع، والأنثى جَذَعَة، والجمع جَذَعات. تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة، وللإبل في السنة الخامسة: أَجْذَعُ. فإذا أكملت الإبل الرابعة ودخلت في الخامسة فهو جَذَع، والأنثى جَذَعَة. [ينظر: الصحاح ٣/ ١١٩٤، التنبيهات المستنبطة ٢/ ٤٠٠]. (٥) تقدم تخريجه من حديث ثمامة بن عبد الله، عن أنس.