والغفلة عن الصواب، أو أنه يأثم إثمه، ولم يقل: شارب الخمر قد عبد الوثن، كما قال هاهنا:«فقد كفر»، على أنّا لو خُلِّينا وظاهره لقلنا: إن شارب الخمر كعابد الوثن في شركه، لكن الإجماع انعقد على أنه ليس كعابد الوثن في الدين، فتركناه، وتبقى أخبارنا على ظاهرها، فإنه لم يرُدّها ما هو أقوى منها، ولا مثلها، وهذا هو الجواب عن السؤال الثالث؛ فإنه في الشريعة هو الخروج من الإسلام، والدخول في الشرك، فأما حدُّه في اللغة [فليست الأسماء](١) باقية على حكم اللغة، وإنما هي منقولة؛ ولأن الكفر هو التغطية والستر كما قالوا، وعندهم أن دينه لم يستتر، و ـ أيضاً ـ قوله ﵇:«بني الإسلام على خمسٍ»(٢)، فبيَّن أنه يقوم بخمس، وما قام بخمسٍ لا يقوم بأربع.
فإن قيل: فما بال العبد والصبي لا عمل له من هذه الأركان وهو مسلم؟
قلنا: سقوط بعضها بالعذر يسقط حكمها في حق ذلك الشخص حتى إنه يبقى مؤمناً على ما بقي، وهذا بمثابة قول النبي ـ صلَّى الله عليه ـ، أن لو قال: بنيت الصلاة على خمسة، أو ستة أركان، فسقط بعضها بعذرٍ من مرضٍ، أو كسرٍ، أو رقٍّ، أو ما شاكل ذلك/ من سفر كان ما بقي صلاة في حق ذلك المعذور، كذلك هاهنا.
فإن قيل: لا يخلو إما أن يكون المراد به: بني على ذلك اعتقاداً، أو فعلاً.
فإن كان اعتقاداً فنحن نقول به. وإن كان فعلاً فلا يجوز؛ لأن الأصول تمنع ذلك، وأن كل واجب من حقوق الآدميين، والواجبات لله ـ تعالى ـ إذا تركها فعلاً مع اعتقادها لم يكفر، فكذلك هذا الواجب مثله.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (فليس للأسماء)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي ﷺ: «بني الإسلام على خمس» ١/ ١١، ح ٨، ومسلم، كتاب الإيمان ١/ ٤٥، ح ١٦ من حديث ابن عمر.