وتمرينها على المخالفة بترك الأوامر، وارتكاب النواهي، [فيرقّ في](١) نفسه تعظيم الله ـ سبحانه ـ، والاستجابة لأوامره، فيصير ذلك مع طول الزمان إهمالاً، وترك الأوامر من طريق الإهمال كفر، فلما كان ذلك داعية للكفر سمي كفراً، كما سمى الصلاة إيماناً بقوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ (٢)، يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس، وسماها إيماناً؛ لأنها تحقق التصديق.
قلنا: أما الأول فليس بشيء؛ لأنه لا فائدة في تخصيص الصلاة بذلك؛ فإن العبادات كلها في ذلك سواء.
الثاني: أن الخبر يقتضي تعليق الحكم بترك فعل الصلاة، لا بترك اعتقاد/ وجوبها، فوجب حمله على الحقيقة.
الثالث: أنه لا يجوز حمله على ترك الاعتقاد؛ لأن الترك إنما يكون بالفعل لا بالجحود، ألا ترى إلى قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ (٣)، إنما كان تركهم بالفعل، وقوله ـ تعالى ـ: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (٤)، فأمرهم بإقامتها وكانوا مقرين بها، ذكر هذا الجواب النقّاش في «الرسالة».
وأما الثاني فلا يصح؛ لأن إطلاق الكفر [على](٥) ما يضاد الإيمان حقيقة، لا سيما وقد تكرر قوله ﵇ بألفاظٍ مختلفةٍ:«فرقٌ بين الكفر والإيمان الصلاة»، وقوله:«فقد خرج من الملة» وغير ذلك.
وما رووه ـ إن صح ـ فمعناه: أنه شبهه به [في](٦) نقص العقل،
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (فيرقي)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) البَقَرَة: ١٤٣. (٣) الجُمُعَة: ١١. (٤) إبراهيم: ٣١. (٥) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق. (٦) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.