وهذه نصوص قاطعة من الرسول، وقول الصحابة لا يقدمون على مثله إلا أن يكونوا سمعوه من النبي ـ صلَّى الله عليه ـ.
فإن قيل: المراد بهذه الأخبار من تركها معتقداً أنها لا تجب، ونحن نقول: إنه يكفر.
الثاني: أن المراد بقوله: «فقد كفر» تهديداً وتغليظاً، كما قال ﵇:«شارب الخمر كعابد وثن»(١).
الثالث: أنَّ الكفرَ كلمة مشتركة تطلق على التغطية، يحمل قوله:«فقد كفر» معناه: قد غطّى دينه بهذه المعصية، والكفر في اللغة من قولهم: أكفرت العجين، إذا غطّيته، وسُمِّي الزّارع كافراً؛ لأجل تغطية البذر.
أي: غطَّاها، ويطلق على كفران النعمة، وعلى الكفر بالإيمان، فلا يتخصص بأحدهما إلا بدلالة.
الرابع: يحتمل ليس بيننا وبينهم أمارة دالة إلا الصلاة، فإن القوم كانوا ينافقون، فلا يكون بين الكفر والإيمان علامة إلا الصلاة.
الخامس: إنّا نحمل قوله: «فقد كفر» بمعنى قارب، وأشرف على الكفر، كقوله:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»(٣)، وذلك أن تعويد النفس،
(١) تقدم تخريجه. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (الغمام نجومها)، وما أثبته هو الصحيح نقلاً من ديوان لبيد بن ربيعة ص ١١١، وهذا عجزُ بيتٍ للبيد في معلّقته، وصدرُه: يعلو طريقةَ متنِها مُتواترٌ. (٣) أخرجه البخاري، كتاب الأشربة، باب قول الله ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ٧/ ١٠٤، ح ٥٥٧٨، ومسلم، كتاب الإيمان ١/ ٧٦، ح ٥٧ من حديث أبي هريرة.