للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر أصحابنا طرقاً من الفقه، فقالوا: لنا فريضتان على المكلف يسقط فعل إحداهما فعل الأخرى، وهي الجمعة والظهر؛ فإن من لا يخاطب بالجمعة، لكن لزمه [فرض] (١) الظهر ـ وهو العبد، والمرأة، والمسافر ـ إذا صلوا الجمعة سقطت ظهرهم، جاز أن يسقط حضور العيد حضور الجمعة، والجمعة إلى العيد أقرب؛ إذ هما عيدان، وصلاتان تجتمعان في عدة/ شروط، وحرروا من هذا عبارة فقالوا: صلاة عيد فجاز أن يسقط غيرها بفعلها، دليله صلاة الجمعة، فإن الجمعة تسقط بفعلها صلاة الظهر، وقد دل على صحة التسمية قوله (٢) : «عيدان اجتمعا» (٣)، سماهما عيدين.

فإن قيل: إنما سقطت الظهر بفعل الجمعة؛ لأنهما صلاتا وقت واحد على وجه التخيير، كأنواع الكفارة إذا فعل أحدهما سقط غيره، وليس كذلك العيد؛ لأنهما صلاتا وقتين، فلم يسقط فعل أحدهما الآخر، كصلاة الظهر مع العصر، ولأنّا نقول: إنّ الجمعة أسقطت الظهر؛ لأن الفرض المخاطب به يوم الجمعة هو الجمعة.

قلنا: لا نسلم لك هذا في الأصل، ولا في الفرع؛ لأن في الأصل ليس وقت الجمعة [وقتاً] (٤) للظهر؛ لأنه يجوز فعل الجمعة عندنا قبل الزوال، ولا يجوز فعل الظهر في ذلك الوقت، وأما في الفرع فهما صلاتا وقت واحد؛ لأنه (٥) تصلى الجمعة في الوقت الذي تصلى فيه صلاة العيد.

جواب آخر: وذلك أن علّة الأصل تبطل به إذا نذر أن يصلي صلاة في إحدى أوقات الصلوات؛ فإن المنذورة وصلاة الوقت قد حصلا صلاتا


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (فرضه)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٢) بهذا المكان في الأصل كلمة: (تعالى)، وحذفها هو الموافق للسياق.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ما بين المعكوفين في الأصل: (وقت)، وما أثبته هو الصحيح لغة.
(٥) في هذا المكان من الأصل: (لا)، وما أثبته هو الموافق للسياق نقلاً من الانتصار ٢/ ٥٩٩.

<<  <   >  >>