للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنه كان يجب أن تقولوا: إنه تجب الصلاة عليه عند الإفاقة؛ كما قلتم: يجب عليه الصيام، والزكاة، والحج عند الإفاقة؛ ولما لم تقولوا ذلك بطل ما قلتموه، ولأي علة أفردتم هذه العبادات بالإيجاب حال الإفاقة، ومنعتم من إيجاب الصلاة، وهل هذا إلا مجرد تحكّم من غير دليل يدل عليه.

فإن قيل: سلّمنا أنه وجب عليه، وأنه أهل، لكن لِمَ قلتم بأنه مع هذا لا يسقط لأجل عارض وعذر، وهذا لأن الإسقاط إنما يكون بعد الوجوب والأهل، والعذر هاهنا هو الإغماء، والصلوات مما يتكرر فإذا قلنا بوجوب القضاء أدى إلى المشقة، فسقط عنه القضاء لأجل ذلك، ولأنا رأينا الشرع قد فعل/ مثل ذلك في حق الحائض، والنفساء، فألحقناه به، وخرج على هذا بقية العبادات بدليل أن الحائض، والنفساء لا يسقط عنهما فرض الصوم، والحج، ويسقط فرض الصلاة، ولأن هذه العبادات لا تتكرر، فلا يؤدي قضاؤها إلى الحرج، والصلاة تتكرر، فيؤدي قضاؤها إلى الحرج، فدل على الفرق، وخرج على هذا النائم ـ أيضاً ـ؛ لأن النوم لا يدوم في الغالب أياماً، والإغماء بخلاف ذلك، ولأن النائم في حكم اليقظان، بدليل أن النائم يوقظ بالإيقاظ، والإغماء [لا] (١) يرتفع بالإيقاظ، ولا يعرض إلا لأمراض، وأعراض ليس من أصل الجبلّة، فهو بالجنون أشبه منه بالنوم، ولأن النوم إنما هو راحة تدخل على البدن الصحيح السليم، يوضح هذا أن جميع ما ذكرتموه من السبب، والخطاب موجود في المجنون، ومع هذا لا يجب عليه القضاء.

قلنا: ثبت [الوجوب] (٢)، فلا طريق إلى الإسقاط إلا بدليل.

قولهم: الحرج دليل مسقط.

قلنا: الحرج إنما يكون في الشيء إذا كان متكرراً، فأما إذا لم يتكرر فلا، [والإغماء] (٣) لا يتكرر؛ فإنه أمر نادر، وإذا وجد لم يدُم،


(١) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.
(٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (الوجب)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (والأعمال)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>