للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإقامتها على وجه التخصيص لا يمكن؛ إذ لا يصح أن يتولاها إلا الأئمة عند قوم، ولو صح فإن العرف جار بأنه لا يتولاها سواهم، ولنا في صلاة الجماعة عن الفاسق مندوحة؛ فإن الجماعات كثيرة، فلا يتعذر إمام ظاهره العدالة.

والحرف: أن الحال حال عذر، وقد ينبني الاعتداد على الأعذار التي تمنع الإنسان من تولي الأمر بنفسه، كما يتبع الأئمة في الصوم، والفطر بحسب ما يثبت عندهم، وأخذ الغنائم، والتسري بالإماء المغنومات، إذا غزونا مع الأمراء الذين يعرفون أحكام الجهاد، وعقدنا للأنكحة بولاية قضاتهم الذين لا تصح ولايتهم، وفي إيجاب القضاء، وترك الاعتداد بذلك مشقة.

قال شيخنا : والصحيح عندي المنع، واختياري مع نصرة هذه الرواية أن يتخرج في جميع الصلوات ما فيها من الروايتين؛ لأن الاعتداد عن الجمعة لا يقوم إلا باتباعهم فيها، وأما أن يقوم في ترك القضاء وحصول الاعتداد فلا، ألا ترى أنا نتبعهم في الفطر والصوم بحكم ما ثبت عندهم، وإن كان عندنا/ في الباطن يقين يخالف ما عندهم رجعنا بالتزام القضاء على نفوسنا بما عندنا، فنجمع بين أداء الفرض باليقين، وبين حفظ سياسة الموافقة للأئمة، وترك المفارقة الموجب للفرقة (١) في صوم رمضان، والوقوف بعرفة، وجميع العبادات المختصة بالأزمان (٢).

وأما تعلقهم بانعقاد الجماعة، والجمعة بحضوره؛ فليس بصحيح؛ لأن المأموم في الجمعة، والجماعة يخالف الإمام، ألا ترى أن العبد، والمرأة، والمسافر يصح أن يكونوا مأمومين فيها، ولا يصح أن يكون الإمام في الجمعة واحدا من أولئك، أعني العبيد، والمسافرين، والنساء،


(١) في الأصل بهذا المكان تكرار لعبارة: (للأئمة وترك المفارقة الموجب للفرقة).
(٢) لم أقف عليه، وشيخه هو: يعقوب بن إبراهيم العكبري البرزبيني، وله كتاب فقهيّ اسمه: (التعليق) أو (التعليقة)، وفيما أعلم أنه غير مطبوع، وهو كتاب مُلخّص من كتاب القاضي أبي يعلى الشهير: (التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة).

<<  <   >  >>