وأما الاقتداء فهو مجرد فعل الاتباع في الفعل، لتجتمع الجماعة على أداء هذا الفرض، فيكون أقرب إلى الخشوع، والخضوع، وانعدام السهو والغفلة، وأوفى في المغفرة والرحمة، وإذا ثبت هذا لم يؤثر فسق ذاك في صلاة هذا، كما لو صلى كل منهم منفرداً بجنب الآخر فإنه لا يؤثر، كذلك هاهنا.
وقال أصحاب أبي حنيفة: نحن نُسلِّم أن صلاة المأموم تبتنى على صلاة الإمام، فإذا كانت صلاة الإمام صحيحة كذلك ما ابتني عليها،/ ولا خلاف أن الفاسق صلاته في حق نفسه صحيحة، فكذلك ما يبتنى عليها (١).
الجواب:
أما الخبر الأول؛ فنقل يعقوب بن بختان أن أحمد سئل عن الحديث:«صلوا خلف كلّ بر وفاجر»(٢)، فقال: ما سمعنا بهذا (٣).
ولا خير فيما لم يسمعه أحمد، على أنّا نحمل قوله:«صلوا خلف» أي: صلوا على، لأن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض بدليل ما ذكرنا، ويحتمل أن يريد به صلاة الجمعة ويعيد.
وأما خبر أبي هريرة؛ فيحتمل ـ أيضاً ـ ما ذكرنا، ويحتمل ـ أيضاً ـ: ادعوا لله وراءهم أن يصلحهم، أو يزيلهم.
وأما قوله:«صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله»(٤)، فمعناه: صلوا عليهم إذا ماتوا، والمصلي فيها خلف الجنازة، وهي قائمة مقام الإمام في تقدمها عليه، ويحتمل: صلوا خلفهم إذا كانوا عدولاً كما قال:
(١) لم أقف على من ذكره من الحنفيّة. ولكن يرى الحنفية على أن صلاة المؤتمّ مبنية على صلاة الإمام صحة وفساداً. [ينظر: تبيين الحقائق ١/ ١٣٣، العناية ١/ ٣٧٥]. (٢) تقدم تخريجه. (٣) ينظر: التعليق الكبير ص ٦٨٨، الانتصار ٢/ ٤٦٩. (٤) تقدم تخريجه.