وتستحب عند غيركم ولا تجب، فإذا لم تعتبر العدالة للإقامة في آكد الصلاتين، فلأن لا تجب وتعتبر للصلاة التي هي أدون الصلاتين أولى.
قالوا: ويوضح هذا أنكم عولتم على التهمة في جانب الإمام لتعلق صلاة غيره [عليه](١)، وهذا موجود في حق المأمومين في الجمعة؛ فإنه لو انخرم واحد من الجماعة بحدث، أو بلبسه ثوبا غصباً، أو حمله لنجاسة، انخرم العدد حيث انخرم الشرط، وهذا لا يؤمن في حصوله من الفاسق إذا كان مأموماً، كما لا يؤمن إذا كان إماماً، وصلاة الإمام، وجميع المأمومين مرتبط بعضها ببعض في الصحة والانعقاد، وما كان بهذه الصفة كان التابع، والمتبوع فيه سواء، وكذلك/ الواحد مع الإمام شرط في انعقاد الجماعة، فينبغي أن لا تنعقد الجماعة بإمام عدل، ومأموم فاسق، ألا ترى أن الشهود متى كان فيهم فاسق لم يصح القضاء بشهادتهم؛ لانخرام العدد المعتبر، فلو كان واحد من ثلاثة أعني شهادة رجل وامرأتين في شهادة المال، أو واحد من اثنين، أو من أربعة في العقوبات، لم يصح الحكم بالشهادة؛ لانخرام ما هو شرط للحكم، فيكون في منع الصحة كفسق الحاكم، وهو المتبوع الجاري في مجرى الإمام.
قالوا: ولأنه لو كان المنع لعدم الثقة لوجب أن لا يصلَّى في سترته، ولا يُتوضأ بمائه، ولا من آنيته، ولا تُستقبل قبلته الموضوعة في داره، ومسجد داره، فلما لم تقولوا ذلك، بطل أن يكون ما قلتم علة.
وقد تعلّق بعض الشافعية بطريقة أخرى (٢)، وذلك أنه قال: إن كل واحد من القوم مؤدٍّ فرضه مثل لو كان منفرداً، وصلاته غير متعلقة بصلاة الإمام في الجواز والفساد؛ لأن الأصل أن الإثنين إذا اجتمعا على أداء الفريضة لا يتعلق أداء أحدهما بأداء الآخر، بل إن جاز فعل كل واحد منهما فجوازه بفعله، وإن فسد ففساده بفعله، لأن الفرض علة على الانفراد، فلا يجوز أن يؤاخذ في فعله بفعل غيره،
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (على غيره)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) لم أقف على من ذكرها من الشافعيّة.