ويشهد لذلك ضرب من الفقه، وهو: أن من صحت صلاته في نفسه صحت إمامته لغيره، كالعدل، وهذا لأن [صحة](٢) صلاة الغير فرع صحة صلاته في نفسه، فإذا صحت صلاته في حق نفسه، صح ما يبنى عليها وهو فرع لها.
قالوا: ولأن من صحت إمامته في الجمعة، صحت في بقية الصلوات، كالعدل، وهذا لأن الجمعة أعلى رتبة من غيرها، وأكثر شروطاً، فإذا صحت إمامته فيها، ففي غيرها من الصلوات أولى.
قالوا: فإن منع مانع دللنا عليه بأنه قد جعل كالعدل في انعقاد الجمعة بأربعين/ من الفساق، والعدد في الجمعة شرط، كما أن الإمام لانعقاد الجماعة شرط، وإذا تم به شرط هذه الصلاة التي هي عَلَم من أعلام الدين الذين لا يتم الشرط إلا بهم، لم لا يتم به الشرط الآخر فيها وهو الإمام.
وربما حرروه قياساً فقالوا: أحد الركنين [المعتبرين](٣) في صلاة الجمعة، فلم تعتبر له العدالة، كالعدد المعتبر في المأمومين، وضح هذا أن المأموم في الجمعة كالإمام من حيث إنه لم ينعقد العدد إلا بمن يصح أن يكون إماماً، فإنه لا ينعقد بالعبد، ولا المسافر، ولا المرأة، وجماعة سائر الصلوات تنعقد، فإذا صحت الجمعة بأربعين فاسقاً، علم أن الفسق لم يقدح في العدد، وهو أحد قواميها، وركنيها، فلا يقدح في الإمام، وهذا يعطي أن تكون الصلاة صحيحة باطناً عند الله ـ سبحانه ـ، فلا يحتاج إلى إعادة، فإذا ثبتت هذه القاعدة في إمامة الجمعة، قلنا: إن الجمعة يشترط لها الجماعة، والإمامة، وغيرها من الصلوات تجب عندكم،
(١) أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب صلاة التطوع والإمامة، باب في الصلاة خلف الأمراء ٢/ ١٥٢، ح ٧٥٦٠، والبيهقي في السنن الكبير، كتاب الصلاة، باب الصلاة خلف من لا يحمد فعله ٣/ ١٧٤، ح ٥٣٠٣ من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه. (٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (المعتبر)، وما أثبته هو الموافق للسياق.