للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأوّلة:

قوله ـ تعالى ـ: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ *﴾ (١)، وقوله ـ سبحانه ـ: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ *﴾ (٢)، فنفى المساواة بين الفاسق والمؤمن، وعامل الخير وعامل السوء.

فإن قيل: المراد بذلك الكافر، بدليل أنه قال في آخر الآية: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ﴾ (٣)، وهذه صفة الكافر.

قلنا: هو عام في كل فاسق، وكل من عمل سوءاً، وعام في نفي المساواة في كل شيء إلا ما خصه الدليل، وتخصيص آخر الآية لا يدل على تخصيص أولها كقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ (٤) عام في كل مطلقة، وقوله: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ (٥) خاص في الرجعيات، ولم يمنع هذا من الاحتجاج بأولها، وكذلك قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾ (٦) عام، وقوله: ﴿وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ﴾ (٧) خاص في الكفار.

ومن جهة الأخبار: ما روى أبو بكر النجاد بإسناده عن مرثد بن عبد الله الغنوي (٨) ـ وكان بدرياً ـ قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «إنْ سرّكم أن تُقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم ﷿» (٩)،


(١) السَّجدَة: ١٨.
(٢) الجَاثيَة: ٢١.
(٣) السَّجدَة: ١٩، ٢٠.
(٤) البَقَرَة: ٢٢٨.
(٥) البَقَرَة: ٢٢٨.
(٦) الأنعَام: ٩٤.
(٧) الأنعَام: ٩٤.
(٨) مرثد بن أبي مرثد الغنوي، صحابي، وأبوه صحابي، وهما ممن شهد بدراً، وأحداً، وآخى رسول الله بينه وبين أوس بن الصامت، استشهد مرثد في صفر ٣ هـ في غزاة الرجيع. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٨٣، أسد الغابة ٤/ ٣٦١، الإصابة ٦/ ٥٥].
(٩) الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ١/ ٢٤٤، ح ٣١٧، والطبراني ٢٠/ ٣٢٨، ح ٧٧٧، والدارقطني، كتاب الجنائز، باب نهي رسول الله أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه ٢/ ٤٦٤، ح ١٨٨٢/ ٢، والحاكم، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب مرثد بن أبي مرثد الغنوي ٣/ ٢٤٦، ح ٤٩٨١، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٥/ ٢٥٦٢، ح ٦١٨٧، وابن عساكر في المعجم ٢/ ٩٥٩، ح ١٢٢٤ من طريق القاسم أبي عبد الرحمن الشامي، عن مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وقال الدارقطني: إسناد غير ثابت. وقال ابن عبد البر: منقطع أرسله القاسم أبو عبد الرحمن، عن مرثد. وقال ابن عساكر: حديث غريب. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٨٤].

<<  <   >  >>