فإن قيل: المراد بذلك الكافر، بدليل أنه قال في آخر الآية: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ﴾ (٣)، وهذه صفة الكافر.
قلنا: هو عام في كل فاسق، وكل من عمل سوءاً، وعام في نفي المساواة في كل شيء إلا ما خصه الدليل، وتخصيص آخر الآية لا يدل على تخصيص أولها كقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ (٤) عام في كل مطلقة، وقوله: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ (٥) خاص في الرجعيات، ولم يمنع هذا من الاحتجاج بأولها، وكذلك قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾ (٦) عام، وقوله: ﴿وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ﴾ (٧) خاص في الكفار.
ومن جهة الأخبار: ما روى أبو بكر النجاد بإسناده عن مرثد بن عبد الله الغنوي (٨) ـ وكان بدرياً ـ قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «إنْ سرّكم أن تُقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم ﷿»(٩)،
(١) السَّجدَة: ١٨. (٢) الجَاثيَة: ٢١. (٣) السَّجدَة: ١٩، ٢٠. (٤) البَقَرَة: ٢٢٨. (٥) البَقَرَة: ٢٢٨. (٦) الأنعَام: ٩٤. (٧) الأنعَام: ٩٤. (٨) مرثد بن أبي مرثد الغنوي، صحابي، وأبوه صحابي، وهما ممن شهد بدراً، وأحداً، وآخى رسول الله ﷺ بينه وبين أوس بن الصامت، استشهد مرثد في صفر ٣ هـ في غزاة الرجيع. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٨٣، أسد الغابة ٤/ ٣٦١، الإصابة ٦/ ٥٥]. (٩) الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ١/ ٢٤٤، ح ٣١٧، والطبراني ٢٠/ ٣٢٨، ح ٧٧٧، والدارقطني، كتاب الجنائز، باب نهي رسول الله ﷺ أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه ٢/ ٤٦٤، ح ١٨٨٢/ ٢، والحاكم، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب مرثد بن أبي مرثد الغنوي ٣/ ٢٤٦، ح ٤٩٨١، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٥/ ٢٥٦٢، ح ٦١٨٧، وابن عساكر في المعجم ٢/ ٩٥٩، ح ١٢٢٤ من طريق القاسم أبي عبد الرحمن الشامي، عن مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وقال الدارقطني: إسناد غير ثابت. وقال ابن عبد البر: منقطع أرسله القاسم أبو عبد الرحمن، عن مرثد. وقال ابن عساكر: حديث غريب. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٨٤].