للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب: عن الحديث أن صلاة الفذ صحيحة، إلا أنه آثم بترك الجماعة، والمفاضلة تحصل بين ما فيه فضل، وما لا فضل فيه، قال ـ تعالى ـ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً *﴾ (١)، ولا خير في أصحاب النار، وقال تعالى: ﴿وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ (٢)، ولا خير في المشركة، وقولهم: الصدق خير من الكذب، وقال الله ـ تعالى ـ: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (٣).

جواب آخر: أن المراد بالخير أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ الذي صلاها منفرداً/ لعذر من مرض، أو فوات الجماعة، أو نحو ذلك، وتلك صلاة صحيحة، وفيها فضل، وفاعلها غير عاصٍ، ولا آثم، ولو لم تكن الجماعة واجبة في الصلوات؛ لما لزم بالنذور فروع الأوامر، وكلما ثبت في الأمر ثبت في النذر مثله، يدل عليه: أنه لا يجب في النذر إلا ما حبسه واجب الشرع، فدلّ على أنها فروعها، يدل على ذلك: أنه لو قال: لله علي أن أعود المرضى، لم يجب عليه ذلك بحكم النذر؛ لأن عيادة المرضى ليس بواجب، فلا يجب بالنذر، وإذا نذر الصوم، أو الصلاة، أو الحج، أو غير ذلك [مما] (٤) له أصل في الشرع صح ذلك باعتبار أن له أصلاً في الشرع، كذلك هاهنا.

قال: وهذا على أصل أبي حنيفة ألزم، قال: لأنه قال في وجوب الصوم بالاعتكاف: إنه يجب بالنذر (٥)، فدلّ على أنه يجب بأصل الشرع، وكذلك قال ـ أيضاً ـ في مسألة الأضحية (٦).


(١) الفُرقان: ٢٤.
(٢) البَقَرَة: ٢٢١.
(٣) النّمل: ٥٩، وبالياء ﴿تُشْرِكُونَ﴾ هي قراءة أبي عمرو، ويعقوب، وعاصم، وبالتاء ﴿تُشْرِكُونَ﴾ هي قراءة الباقين. [ينظر: الهادي شرح طيبة النشر ٣/ ١١٣].
(٤) ما بين المعكوفين في الأصل: (ما)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٥) ينظر: المبسوط ٣/ ١١٦.
(٦) ينظر: المبسوط ١٢/ ٨.

<<  <   >  >>