للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو نقول: صلاة تصح حال الانفراد، ويسقط الفرض بفعلها، فلم يجب لها الاجتماع، دليله صلاة الجنازة، والاستسقاء، والكسوفين؛ وهذا لأن الاجتماع لها لا يخلو أن يكون شرطاً، أو ركناً، أو واجباً ليس بركن، وهو أدنى المراتب في باب اللزوم، وما دونه إلا السنة والندب، لا يجوز أن يكون ركناً؛ لأن منزلة الركن أن لا تصح الصلاة دونه، ولا يجوز أن يكون شرطاً؛ لأن خصيصة الشرط أن لا تنعقد الصلاة دونه، ولا يجوز أن يكون واجباً؛ لأن جميع واجبات الصلاة، وسائرها متى تركت عمداً بطلت الصلاة، وهذه الصلاة تصح/ على الانفراد وتعمد ترك الاجتماع لها، فلم يبق إلا أنها سنة، أو فضيلة، وهو قولنا.

ومنهم من قال: لو كانت الجماعة واجبة ما وجبت بعينها وإنما وجبت للصلاة، وما كان وجوبه لغيره لا لعينه كان شرطاً، ولم يقع ذلك الشيء موقع الإجزاء دونه.

وربما قالوا: ما لا يجب في قضائها، لا يجب في أدائها، كالاستفتاح، والاستعاذة، وهذا صحيح؛ لأن القضاء يحاكي الأداء؛ لكونه بدله، وخلفه، وعوضه، ويقوم مقامه في إسقاط الفرض.

وربما قالوا: كل من لا تكون الجماعة شرطاً في صحة صلاته لم تكن في حقه [واجبة] (١)، الدليل عليه: العبد والمرأة؛ وهذا لأنه لا فرق بين الحر، والعبد، والمرأة في أركان الصلاة، وواجباتها، وشرائطها، اعتبر هذا بسائر الأركان، والشرائط.

قالوا: وهذا كله راجع إلى معنى، وهو أن كُلاً مصلٍّ لنفسه، ويتقرب إلى الله تعالى، فلا حاجة في أدائه ما وجب عليه إلى أداء غيره إلا فيما استثناه الشرع.

قالوا: ولا شك أن الأوامر المطلقة في قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ (٢)، وقوله: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ (٣)، تتناول المنفرد، والمصلي في جمع.


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (واجدة)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٢) البقرة: ٤٣، ١١٠، يُونس: ٨٧، النور: ٥٦، الروم: ٣١، المزمل: ٢٠.
(٣) هود: ١١٤، الإسراء: ٧٨، العنكبوت: ٤٥.

<<  <   >  >>