بما رُوي عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ أنه قال: «تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ [بخمس](١) وعشرين درجة» (٢)، ورُوِي: «[بسبع](٣) وعشرين درجة» (٤).
فأثبت للفذ صلاة صحيحة فاضلة؛ لأنه لا يجوز المفاضلة إلا بين فاضلين، فأما من لا فضل فيه فلا يقال: فلان أفضل، كما لا يقال: فلان العالم أعلم من فلان وهو جاهل لا علم له، ولا يقال: العسل أحلى من الخل.
وعندكم تارك الجماعة عاصٍ مأثوم لا فضل في صلاته بحال، وقد تواترت الأخبار أن أصحاب رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ كانوا يصلون في رحالهم، ويتركون الجماعة، وقال ﵇ للرجلين اللذين صليا في رحالهما:«إذا أدركتما الجماعة وقد صليتما في رحالكما فصليا معنا»(٥)، ولم ينكر عليهم ترك الجماعة، وهذا نص.
والفقه في ذلك: أنها صلاة، وليس من شرطها الاستيطان، فلم يكن من شرطها الجماعة، دليله: النافلة، والمنذورة، والفائتة، وفيه احتراز من الجمعة،
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (بخمسة)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة ١/ ١٣١، ح ٦٤٦ من حديث أبي سعيد. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (بسبعة)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة ١/ ١٣١، ح ٦٤٥، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ١/ ٤٥٠، ح ٦٥٠ من حديث ابن عمر. (٥) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم ١/ ١٥٧، ح ٥٧٥، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة ١/ ٤٢٤، ح ٢١٩، والنسائي، كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده ٢/ ١١٢، ح ٨٥٨ من حديث يزيد بن الأسود، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال النووي، وابن دقيق العيد، وابن الملقن: صحيح. وقال العيني: إسناده صحيح. [ينظر: خلاصة الأحكام ١/ ٢٧٢، الاقتراح ص ١٢٤، البدر المنير ٤/ ٤١٢، نخب الأفكار ٦/ ١١].