«المعجم الصغير»(١) بإسناده عن عبد الله قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي يوم الجمعة بالناس، ثم أحرق على قوم يتخلفون عنها بيوتهم»(٢).
فإن قيل: لعل هذا الوعيد انصرف إلى المنافقين، وهذا هو الظاهر؛ لأن الذين كانوا يتخلفون عن الصلاة مع المسلمين كانوا منافقين في ذلك، وكانوا على ما قال الله ـ تعالى ـ: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ (٣)، وقال: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾ (٤)، وقال: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ﴾ (٥)، فكان تخلفهم عن الجماعة علامة لنفاقهم، كما قال ـ تعالى ـ: ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (٦)، وقال: ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (٧)، ثم لما ترسخ الإسلام قال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ (٨)، بعد أن قال: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ (٩) الآية، ويدل على ذلك: أن الأداء جماعة في البيت
(١) كتاب: (المعجم الصغير) للحافظ أبي القاسم الطبراني، أحد أشهر كتبه، خرج فيه حديثاً عن كل واحد من مشايخه الذين كتب عنهم بالأمصار، ورتبه على أسماءهم على حروف المعجم كما يقول في مقدمته. [ينظر: المعجم الصغير ١/ ٢١، وفيات الأعيان ٢/ ٤٠٧]. (٢) المعجم الصغير ١/ ٢٩٠، ح ٤٧٩، والحديث عند مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ١/ ٤٥٢، ح ٦٥٢ عن عبد الله بن مسعود، أن النبي ﷺ قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم». (٣) التّوبَة: ٥٤. (٤) المَائدة: ٥٨. (٥) النِّساء: ١٤٢. (٦) التّوبَة: ٤٤. (٧) التّوبَة: ٤٥. (٨) النُّور: ٦٢. (٩) التّوبَة: ٤٣.