وروى أبو بكر من أصحابنا وغيره بإسنادهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ: «لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أنطلق مع الرجال معهم حزم الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»(١)، وهذا خاص في غير الجمعة؛ لأنه إذا أمر رجلاً بفعلها فاتته ومن معه، وهو لا يترك الواجب، فدل على أنه أراد الصلاة التي يمكنه أن يعود ويصليها هو ومن معه.
ورواه الشيخ أبو عبد الله ابن بَطة بإسناده عن عبد الله بن شداد أن رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ/ استقبل الناس في صلاة العشاء فقال:«لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فينادى بها، ثم آتي قوماً في بيوتهم لم يشهدوا الصلاة فأحرقها عليهم»(٢). وهذا صريح في صلاة العشاء، أو يكون التهديد عائداً إلى صلاة الجمعة.
وقد روي ذلك مفسراً فيما رواه أبو القاسم الطبراني (٣) في
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة ٩/ ٨٢، ح ٧٢٢٤، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ١/ ٤٥١، ح ٦٥١ من طريق الأعرج، عن أبي هريرة ﵁: أن رسول الله ﷺ، قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدكم أنه يجد عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء». هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم بنحوه. (٢) تقدم تخريجه. (٣) سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير، أبو القاسم اللخمي الطبراني، الحافظ المشهور مسند الدنيا، ولد بعكا سنة ٢٦٠ هـ، وكان حافظ عصره، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة الفراتية، وأقام في الرحلة ثلاثاً وثلاثين سنة، وسمع الكثير، وعدد شيوخه ألف شيخ، وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة، صنف معجم شيوخه، والمعاجم الثلاثة ـ وهي أشهر كتبه ـ؛ المعجم الكبير على أسماء الصحابة، والمعجم الأوسط، وفيه الأحاديث الأفراد والغرائب، صنفه على ترتيب أسماء شيوخه، وكان يقول: هذا الكتاب روحي. والمعجم الصغير. مات سنة ٣٠٦ هـ. [ينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٤٠٧، تاريخ الإسلام ٨/ ١٤٣].