للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: المراد بهذه الأخبار صلاة الجمعة بدليل أنه قال في الأخبار الأخيرة: «فلا صلاة له»، وعندكم إذا خالف وصلى فرادى وقعت صحيحة.

قلنا: اللفظ عام في الجمعة وفي غيرها؛ لأنه ذكر الصلاة بالألف واللام، فاقتضى استغراق الجنس، ولأنه قد نُقل في الجماعة صريحاً، روى الدارقطني في «مسنده» (١) بإسناده عن عبد الله بن شداد بن الهاد (٢)، عن ابن أم مكتوم أنه قال: يا رسول الله إني لا أقدر على قائد هو يلائمني في كل ساعة، وبيني وبين المسجد أنهار وأشجار، فيسعني أن أصلي في بيتي، فقال: «أتسمع الإقامة» قال: نعم، قال: «فأتها» (٣)، وكل ساعة لا تكون في الجمعة، وإنما التكرار في المكتوبات.


(١) كتاب: (السنن)، للحافظ أبي الحسن الدارقطني، قال الخطيب: لا يقدر على جمع ما تضمنه إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام. وقال ابن كثير: من أحسن المصنفات في بابه، لم يسبق إلى مثله، ولا يلحق في شكله، إلا من استمد من بحره، وعمل كعمله. [ينظر: تاريخ بغداد ١٣/ ٤٨٨، البداية والنهاية ١٥/ ٤٥٩].
(٢) عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي المدني، أبو الوليد، من أكابر التابعين وثقاتهم، كانت أمه سلمى أخت أسماء بنت عميس تحت حمزة بن عبد المطلب، فلما استشهد تزوجها شداد، فولدت له هذا، وكان يأتي الكوفة كثيراً فينزلها، وورد المدائن في صحبة علي بن أبي طالب لما خرج إلى حرب الخوارج بالنهروان، وخرج مع ابن الأشعث فقتل ليلة دجيل سنة ٨٢ هـ. [ينظر: تاريخ بغداد ١١/ ١٤٨، تاريخ الإسلام ٢/ ٩٥٧].
(٣) أخرجه الدارقطني، كتاب الصلاة، باب الحث على صلاة الجماعة والأمر بها ٢/ ٢٢١، ح ١٤٣٠ من طريق إبراهيم بن طهمان، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن أم مكتوم. وأخرجه الحاكم ١/ ٣٧٤، ح ٩٠٢ من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن أم مكتوم، أن رسول الله أتى المسجد فرأى في القوم رقة، فقال: «إني لأهم أن أجعل للناس إماماً، ثم أخرج فلا أقدر على إنسان، يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه» فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلاً، وشجراً، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي؟ قال: «أتسمع الإقامة؟» قال: نعم، قال: «فأتها»، وقال الحاكم: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>