للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجود شرائطها تجب في ذِمّته وإن لم يُمكنه الأداء، نصّ عليه (١) كمسألتنا سواء.

وقولهم: إن هذا فيه تكليف ما لا يطاق؛ فليس كذلك لأنا لا نكلّفه الفعل قبل إمكان أدائه، وإنما نلزمه ذلك في ذمته، ويفعله وقت إمكانه، على أنا نوجب الصوم على المغمى عليه، والحائض، والمريض، ولا يمكنهم أداؤه (٢).

وأما تعلقهم بحقوق الآدميين، فعنه جوابان:

أحدهما: أن في حقوق الآدميين ما لا يعتبر فيه إمكان الأداء كالغصب، والعارية، والمقبوض على وجه السَّوم (٣)، وسائر الديون.

والثاني: أن العلة في حقوق الآدميين أن ما كان متبرعا به اعتبر فيه إمكان الأداء في حقه كالوديعة ونحوها، وما لم [يكن] (٤) متبرعاً لم يعتبر فيه إمكان الأداء، فليكن في حق الله كذلك، والصلاة غير متبرع بها، على أن حقوق الله ـ تعالى ـ آكد من حقوق الآدميين؛ لأن الرسول قال: «فدَيْن الله أحق بالقضاء» (٥) فدلّ على تأكده.

وأما فصل الإثم؛ فإنما لم يأثم بالتأخير؛ لأن وقت الوجوب موسّع عليه،/ ولهذا لو مضى من الوقت مقدار إمكان الأداء جاز له التأخير،


(١) ينظر: الانتصار ٢/ ١٢٥.
(٢) ينظر: الانتصار ٢/ ١٢٦.
(٣) السَّوْم: عرض السلعة على البيع، تقول: ساوَمْتُهُ سواماً، واسْتامَ عليّ، وتَساوَمْنا، وسُمْتُك بعيرك سِيمَةً حسنةً، وإنه لغالي السِّيمَة، وسُمْتُه خسفاً، أي: أوليته إياه وأوردته عليه، وسُمْتُ بالسِّلْعَةِ سَوماً وساوَمْتُ واسْتَمتُ بها وعليها: غاليت، واسْتَمْته إياها وعليها: سألته سَوْمها، وسَامَنِيها: ذكر لي سَوْمَها. [ينظر: تهذيب اللغة ١٣/ ٧٥، الصحاح ٥/ ١٩٥٦، المحكم والمحيط الأعظم ٨/ ٦٢٥]، ومعنى عبارة المصنِّف: السلعة يقبضها السائم للتجربة ونحوها.
(٤) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبتها ليستقيم السياق.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>