للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يأثم، والموت لا تسقط به الصلاة، وإنما لا تدخلها النيابة، ولهذا لو مات بعد خروج الوقت قد ثبتت الصلاة في ذمته، ولا يناب عنه فيها، ثم هذا يبطل بالدين المؤجل، وبقضاء رمضان، وكفارة اليمين، لا يأثم بتأخيرها وهي واجبة، وكذلك الزكاة عند أبي حنيفة تجب بالحول، ولا يأثم بتأخيرها، وتسقط بالموت (١).

فإن قيل: فكان يجب أن يسقط (٢) عن ذمته بالموت إذا لم يجد كما تسقط الصلاة؛ لأن الإعسار يجعل الدين بمثابة الصلاة لعدم الإمكان.

قلنا: إنما سقطت الصلاة؛ لأن النيابة لا تدخلها، والدين تدخله النيابة، وكذلك ما كان من العبادات تدخلها النيابة لا تسقط بالعجز والموت، وهي الزكاة، والحج، كذلك الدَيْن لما جاز أن يتطوع بقضائه غيره، ويجوز أن [يبرئ ذمته] (٣) من هو له، لم يكن لإسقاطه بالعجز معنى.

فإن قيل: فاعتباركم لإدراك شيء من الوقت لا معنى له؛ لأن اعتبار دخول الوقت إن كان لإيجاب الكل فاعتبروا إدراك وقت يصلح لأداء الكل، وإن كان لإيجاب ما يخص الوقت فأوجبوا من العبادة بمقدار ما أدرك، فأما أن تعتبروا لإيجاب كل العبادة ما لا يتسع إلا لبعضها فلا وجه، بدليل وجود بعض الماء، وبعض الدَيْن، وبعض الستارة، لم يلزمه إلا بمقدار ما وجد.

قلنا: ليس يتقدر الواجب بمقدار المدرك من الوقت؛ لأن الوقت جُعل لأصل الإيجاب شرطاً، ولم يقدر بالفعل المؤدى، بخلاف عين الماء، والدَيْن، والسترة، ولهذا زوال العذر في حق أهل الأعذار يحصّل إيجاب الصلاة/ وإن قلّ عن [اتساعه] (٤) للفعل في الوقت الآخر،


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٥٣.
(٢) يعني الدين.
(٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (يبر مته)، وما أثبته هو الموافق للسياق.
(٤) ما بين المعكوفين في الأصل: (الساعة)، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>