ولأن هذا الطهر مشكوك فيه؛ لأنه إن رأت الدم بعده في زمن الأربعين فعند أبي حنيفة هو نفاس (١)، وعند الشافعي إن لم يكن كاملاً فهو نفاس، فإذا كان معرضاً لذلك كره الوطء فيه (٢).
احتجوا:
بأنها قد رأت النقاء الخالص، فأشبه إذا رأته بعد الأربعين، ولأنها في حكم الطاهرات في جميع الأشياء، كذلك في باب الوطء.
قالوا: ولأنها لو كانت معتادة،/ فانقطع الدم في بعض عادتها حل وطؤها، كذلك في [النفاس](٣).
الجواب:
أما قياسهم على ما بعد الأربعين فلا يصح؛ لأن بعد الأربعين قد أمن أن يطأ في نفاس، فلهذا لم يكره، بخلاف مسألتنا فإنه لا يأمن ذلك على ما تقدم بيانه، فكُره.
وهذا كما قال أبو حنيفة: إذا انقطع دم الحائض لأقل من أكثره حرم وطؤها قبل الغسل لجواز أن يعود الحيض، وإذا انقطع لأكثره لم يحرم الوطء قبل الغسل (٤).
وكما قال الشافعي في الناسية لعادتها: لا توطأ وإن صامت وصلت مخافة أن يصادف وطؤه الحيض (٥).
وبهذه المسألة نجيب عن قولهم: إنها في حكم الطاهرات، فإن الناسية إذا استحيضت هي في حكم الطاهرات في جميع الأشياء إلا في الوطء،
(١) ينظر: المبسوط ٢/ ١٤١. (٢) ينظر: المجموع ٢/ ٥٣٢، ٥٣٣. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (القياس)، وما أثبته هو الموافق للسياق نقلاً من الانتصار ١/ ٦٠٣. (٤) ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٤١، ٤٢. (٥) ينظر: المجموع ٢/ ٤٣٣.