وذكر أكثر النفاس، ثم قال:«ولا نفاس فوق الأربعين، فإذا رأت النفساء الطهر فيما دون الأربعين صامت، وصلت، ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين»(١). وهذا نص، وقد اعتمد الإمام أحمد ﵁ على إجماع الصحابة، فروى بإسناده عن علي، وابن عباس، وعثمان بن أبي العاص (٢)، وعائذ بن عمرو (٣)، أنهم قالوا: لا توطأ المستحاضة إلا بعد الأربعين (٤). ولا يعرف لهم مخالف.
والفقه فيه: أن زمان النفاس باقٍ، فلا يأمن معاودة الدم في حال وطئها، فيكون قد صادف وطؤه نفاساً، فكره له ذلك.
(١) أخرجه ابن عدي في الكامل ٩/ ١٠٧، ح ١٤٧٥٧ من طريق محمد بن سعيد الشامي المصلوب، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: سمعت معاذ بن جبل يقول: إنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «لا حيض دون ثلاثة أيام، ولا حيض فوق عشرة أيام، فما زاد على ذلك فهي مستحاضة، فما زاد تتوضأ لكل صلاة إلى أيام أقرائها، ولا نفاس دون أسبوعين، ولا نفاس فوق أربعين، فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين، صامت وصلت، ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين»، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الخلافيات ٣/ ٤١٩، ح ١٠٦١، وقال البيهقي: محمد بن سعيد هذا هو الذي قتل وصلب في الزندقة، وهو متروك الحديث. وقال عبد الحق: محمد بن سعيد كذاب عندهم. وقال ابن حجر: إسناده واه. [ينظر: الأحكام الوسطى ١/ ٢١٨، الدراية لابن حجر ١/ ٨٤]. (٢) الثقفي، أبو عبد الله، نزيل البصرة، أسلم في وفد ثقيف، فاستعمله النبي ﷺ على الطائف، وأقرّه أبو عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان بن عبد الله بن همام بكر ثم عمر، ثم استعمله عمر على عمان والبحرين سنة ١٥ هـ، وكان هو الذي منع ثقيفاً عن الردة، خطبهم، فقال: كنتم آخر الناس إسلاماً، فلا تكونوا أولهم ارتداداً. مات سنة ٥٠ هـ، وقيل غير ذلك. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٠٣٥، أسد الغابة ٣/ ٤٧٥، الإصابة ٤/ ٣٧٣]. (٣) عائذ بن عمرو بن هلال بن عبيد بن يزيد المزني، أبو هبيرة، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن البصرة، وابتنى بها داراً. مات في إمارة ابن زياد أيام يزيد بن معاوية، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي. [ينظر: الاستيعاب ٢/ ٧٩٩، أسد الغابة ٣/ ٤٣، الإصابة ٣/ ٤٩٤]. (٤) لم أقف عليه.