إما أن يكون بالعدد، أو بالظن، لا يجوز تعلقه بالظن، فإنه لو تيقن أن/ الماء قد أتى على جميع أعضائه في الحدث، ولم يغلب على ظنه أن ذلك مطهراً له حصلت الطهارة، وفي مسألتنا لو تيقن أن الماء أتى على جميع محل النجاسة، ولم يغلب على ظنه أنه طهر فإنه يأتي بالعدد، فدل على أن الاعتبار بالعدد.
ومنهم من قال: إن المنفصل عن الغسلة الثالثة نجس، وكلما انفصل عن المحل محكوم بنجاسته لم يحكم بطهارة المحل كالمرة الأولى، وهذا لأن المنفصل كبعض الباقي في المحل فكان حكمُه حكمَه، وعكسه السابعة فإنها تنفصل عندنا طاهرة (١).
وقد قيل: بأن ما ورد الشرع فيه بعدد محصور كان آخر العدد كأوله في الحكم، أصله الطواف، ورمي الجمار، وعدد الركعات، والنُّصُب (٢)، والحدود، [وعدد](٣) الجمعة، والمسح على الخف، والاستجمار، ثم قد اتفقنا أن أول الغسلات واجبة، كذلك آخرها.
احتجوا:
بقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *﴾ (٤)، وقوله ﵇:«صبوا على بول الأعرابي ذنوباً من ماء»(٥)، وقوله ﵇:«حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء»(٦)، ولم يذكر العدد.
(١) ينظر: المبدع ١/ ٤٨. (٢) النِصابُ من المال: القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه. [ينظر: الصحاح ١/ ٢٢٥]. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (وعد)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) المدَّثِّر: ٤. (٥) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد ١/ ٥٤، ح ٢٢٠ من حديث أبي هريرة، قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي ﷺ: «دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين». (٦) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الدم ١/ ٥٥، ح ٢٢٧، ومسلم، كتاب الطهارة ١/ ٢٤٠، ح ٢٩١ من حديث أسماء قالت: جاءت امرأة إلى النبي ﷺ، فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة، كيف تصنع به، قال: «تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه».