قلنا: لم يُذكر هذا الحديث في الصحاح، ثم هو متروك؛ فإنه لو غسل البول مرة فلم يغلب على ظنه أنه طهر وجب الزيادة، ونحمل ذلك إذا كان على الأرض فإنه تجزئ مرة، أو تحتمل المرة أنها ترجع إلى غسل الجنابة، وأدرج الراوي البول ظنّاً منه، بدليل أن ابن عمر إنما قال:«أُمرنا» بعد رسول الله ﵇.
والفقه في المسألة: أنها نوع نجاسة يجب غسلها، فوجب العدد فيها، دليله الوُلوغ، وهذا لأنا قد بيّنا أن الوُلوغ أضعف، فإذا وجب فيه العدد فأولى أن يجب في الأغلظ، ولا يلزم بول الغلام إذا لم يطعم الطعام فإنه لا يجب غسله، ولا يلزم إذا كانت على الأرض؛ لأنه يستوي فيه الأصل والفرع.
وقد قيل: بأن الماء أحد نوعي ما يسقط حكم نجاسة البول، فاعتبر فيه العدد، دليله الأحجار.
فإن قيل: الأحجار لمَّا لم تُزِل الأثر جاز أن يعتبر فيها العدد ليزداد في تخفيف النجاسة، وليس كذلك الماء؛ لأنه يزيل العين والأثر، فلم يحتج معه إلى تَكرار.
قلنا: فيجب أن تقولوا مثل هذا في نجاسة الكلب، والخنزير لما كان الماء يزيل العين والأثر لم يعتبر العدد، وقد أوجبنا العدد هناك، كذلك في غيره من النجاسات، ثم يلزم عليه التيمم فإنه لا يرفع الحدث، ولم يعتبر فيه تَكرار يقويه على تخفيف رفع الحدث.
ومن أصحابنا (١) من قال: بأنها نجاسة، فاعتبر فيها العدد، كما لو [لم](٢) يغلب على الظن طهارتها إلا بالسبع، وهذا لأن الاعتبار
(١) كأبي الخطّاب في الانتصار ١/ ٤٨٨. (٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.