و ـ أيضاً ـ ما روى القاضي ﵀ أن أبا ثعلبة الخُشَنيّ (١) سأل النبي ـ صلَّى الله عليه ـ عن بُرَم (٢) المشركين كيف يصنع بها، فقال:«اغسلوها سبعاً واستعملوها»(٣)، فعلق جواز الاستعمال على السبع.
وروى موسى بن عقبة (٤) صاحب «المغازي»(٥) عن ابن عمر أنه قال: أمرنا بغسل الأنجاس سبعاً (٦). والصحابة إنما يأمرهم النبي ﵇، إذ لا أحد يمتثلون أمره سواه.
فإن قيل: يحتمل أن يكون ذلك في بُدوّ الأمر؛ بدليل ما روى أحمد بإسناده عن ابن عمر أنه قال: كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة والبول سبعاً، فلم يزل رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ يسأل حتى جعلت الصلاة خمساً، والغسل من/ الجنابة والبول مرة (٧).
(١) أبو ثعلبة الخُشَنِيّ، صحابي مشهور، معروف بكنيته، واسمه جرثوم بن ناشب وقيل غير ذلك، وقد اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً، سكن الشام، وقيل: حمص، قدم على رسول الله ﷺ وهو يتجهز إلى خيبر، فأسلم، وخرج معه فشهدها، وكان ممن بايع تحت الشجرة، وأرسله النبي ﷺ إلى قومه فأسلموا، توفي ساجداً سنة ٧٥ هـ. [ينظر: الاستيعاب ٤/ ١٦١٨، أسد الغابة ٥/ ٤٤، الإصابة ٧/ ٥٠]. (٢) البُرَمُ: قدور من حِجارة، الواحدة: بُرْمَة، وربما جمعت: بِرَاماً، وبُرْماً. [ينظر: تهذيب اللغة ١٥/ ١٥٩، المحكم والمحيط الأعظم ١٠/ ٢٧٢]. (٣) لم أقف عليه. (٤) موسى بن عقبة بن أبي عياش المدني، مولى آل الزبير بن العوام، كان فقيهاً مفتياً من العلماء الثقات، صنّف (المغازي). قال الإمام مالك: عليك بمغازي موسى بن عقبة فإنه ثقة. مات سنة ١٤١ هـ[ينظر: تاريخ الإسلام ٣/ ٩٨٦، تذكرة الحفاظ ١/ ١١١، سير أعلام النبلاء ١١/ ١٤٠]. (٥) كتابُ: (المغازي) مفقود، وقد وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١١/ ١٤٢ فقال: «وأما مغازي موسى بن عقبة فهي في مجلد ليس بالكبير، سمعناها، وغالبها صحيح، ومرسل جيد، لكنها مختصرة تحتاج إلى مزيد بيان وتتمة». (٦) لم أقف على من أسنده، وقد ذكره ابن قدامة في المغني ١/ ٤٠، كما ذكره الزركشي في شرحه ١/ ١٤٦. (٧) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل من الجنابة ١/ ٦٤، ح ٢٤٧ من طريق أيوب بن جابر، عن عبد الله بن عصم، عن عبد الله بن عمر، وقال ابن عبد البر: إسناده فيه ضعف ولين. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح. [ينظر: التمهيد ٢٢/ ٩٥، العلل المتناهية ١/ ٣٣٣].