للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: لا فرق بينهما؛ فإن هذا التيمم مبناه ـ أيضاً ـ على التخفيف، فاقتنع فيه بأول الاسم، وهذا سقط منه عضوان، فمبناه على الإسقاط كالحد سواء.

وقد قيل: إنه عضو محدود في التيمم، فكان يحل فرضه في بدله المؤقت ناقصاً عن محل فرضه في الأصل، دليلنا الرِّجلان؛ فإنه يُمسح بعض القدم منه بخلاف ما إذا غسل، وقد قيل: بأن الوضوء إحدى الطهارتين، فكان محل فرض اليدين فيهما إلى الآباط، وقد نقص عن ذلك في التيمم، كذلك في الوضوء فرض اليدين فيه إلى المرفقين، فيجب أن ينقص عن ذلك في التيمم، والاعتماد على الخبر.

طريقة أخرى: أنا نقول: اليد المطلقة في العرف عبارة عن الكفِّ، ولذلك قطعت يد السارق من الكف، ودية اليد تجب من الكف إذا قطعت، وذلك أن أكثر أعمال اليد من القبض والبطش بالكف، لا بالذراع، والعضد، والساعد، فصار الاسم مقصوراً عليه (١)، ولذلك لما شرع الغسل ممدوداً قُرن بقوله ـ تعالى ـ: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٢)، وإلى أن كلمة المدّ إلى الغاية، ولو كانت اليد متناولة/ جميع الأقسام إلى الإبط لم يستقم الإمداد بالمرافق بل كان إسقاطاً، وروي أنه قال لعمار: «يكفيك ضربتان؛ ضربة للوجه، وضربة للكفين» (٣).

وقد يدل عليه ضرب من المعنى، وهو أن الغبار اللاصق بالكف مع استحباب التقليل لا يعمّ الساعد، وكان رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ ينفخ في التراب ليقل ما على اليد منه (٤).


(١) يعني الكف.
(٢) المَائدة: ٦.
(٣) رواه الطبراني في الأوسط ٧/ ١٤٨، ح ٧١٢١ من طريق محمد بن نوح، ثنا يحيى بن غيلان، نا إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار بن ياسر، أنه أصابته جنابة وليس معه ماء فقال له النبي «إنما يكفيك أن تمسح وجهك وكفيك بالتراب؛ ضربة للوجه، وضربة للكفين». وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو ضعيف، وإن كان حجة عند الشافعي. [ينظر: نيل الأوطار ١/ ٣٣٢].
(٤) تقدم تخريجه في حديث عمار.

<<  <   >  >>