عبد الله بن عباس، [فإن](١) الترمذي روى عنه أنه سئل عن التيمم فقال: إن الله تعالى قال في الوضوء: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٢)، وقال في التيمم: ﴿وَأَيْدِيكُمْ﴾ (٣)، وقال في السرقة: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا﴾ (٤)، فكانت السنة في القطع؛ الكفين، فالتيمم إنما هو الوجه والكفان (٥). ولا تلزم طهارة الماء فإنها لم تعلق باليد مطلقاً، وهذه العبارة يرد عليها مسألة اليمين، وهو إذا حلف: لا لمست يد فلان. فإنه لا يختص الكوع، وكذلك مسألة الدية.
والأولى أن نقول: تطهُّر عُلّق باليد مطلقاً كالأصل، والحدود لا شك أنها مطهرة من الذنوب، فيطلق عليها هذا الاسم إطلاقاً، وهذا كله لفقه وهو: أن التيمم شرع مخففاً، فأسقط منه ما تيسر عادة وهو مسح الرأس والرجلين، وذلك لاحتمال معنيين:
أحدهما: أن المقصود به إظهار التعبد وإحياء مراسم/ العبادة، وذلك فيما يظهر، والذي يظهر عادة الوجه والكفان، [حتى](٦) في حق المرأة التي أُمرت بالستر أبيح لها كشف الوجه والكفين في الصلاة والإحرام.
أو يكون لأن الشرع علم أنه يشق على الناس إيصال الماء إلى المستور من أبدانهم، ولا يشق إيصال ذلك إلى ما يظهر عادة وهو ما ذكرنا.
فإن قيل: القطع في السرقة والمحاربة عقوبة، والعقوبات يحتاط في تقليلها، وهي مما يسقط بالشبهة، فإذا عُلِّق باليد اقتنع فيه بأول ما يُسمى [يداً](٧)، وليس كذلك الطهارات فإنها يُبالغ فيها ويكرر، ومبناها على الزيادة.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (قال)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) المَائدة: ٦. (٣) النِّساء: ٤٣، المائدة: ٦. (٤) المَائدة: ٣٨. (٥) أخرجه الترمذي، باب ما جاء في التيمم ١/ ٢٧٢، ح ١٤٥ وقال: هذا حديث حسن صحيح. (٦) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وأثبته من الانتصار ١/ ٣٩١. (٧) ما بين المعكوفين في الأصل: (أبداً)، وما أثبته هو الموافق للسياق نقلاً من الانتصار ١/ ٣٩٢.