فإن قيل: بل اليد تقع على هذا العضو من طرف الأصابع إلى الكتف، ولهذا روي عن عمار أنه قال: تيمَّمنا مع النبي ـ صلَّى الله عليه ـ إلى المناكب والآباط (١). ولهذا لو قطع يده من الكتف لم تجب إلا نصف دية الإنسان.
قلنا: قد بينا أن اليد عبارة عن الكف، فأما خبر عمار فإن صح فإنه فعل ذلك برأيه كما تمعّك في التراب، فلما سأل النبي ﵇ أراه أنه يكفيه مسح الوجه والكفين (٢)، ثم لو تناول ما ذكرتم فلم قال في الوضوء: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٣).
فأما قولهم: إنه تجب نصف دية؛ فلا نسلم، بل تجب نصف دية الإنسان
(١) أخرجه البزار ٤/ ٢٣٩، ح ١٤٠٣، والحديث عند ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب ما جاء في السبب ١/ ١٨٧، ح ٥٦٦، ولم يذكر الآباط. وأخرجه النسائي، كتاب الطهارة، باب الاختلاف في كيفية التيمم ١/ ١٦٨، ٣١٥ بلفظ: تيممنا مع رسول الله ﷺ بالتراب فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب. وأخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب التيمم ١/ ٨٦، ح ٣١٨ ولفظه: عن عمار بن ياسر أنه كان يحدث أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله ﷺ بالصعيد لصلاة الفجر فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم. قال الحازمي: هذا حديث حسن. وقال ابن رجب: هذا حديث منكر جداً، لم يزل العلماء ينكرونه. وقال العيني: سنده صحيح. [ينظر: الاعتبار للحازمي ص ٥٩، فتح الباري لابن رجب ٢/ ٢٥٢، عمدة القاري ٤/ ١٨]. (٢) أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب: المتيمم هل ينفخ فيهما ١/ ٧٥، ح ٣٣٨، ومسلم، كتاب الحيض ١/ ٢٨٠، ح ٣٦٨/ ١١٢ من طريق عبد الرحمن بن أبزى، قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: «إنما كان يكفيك هكذا» فضرب النبي ﷺ بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. هذا لفظ البخاري، وعند مسلم: فقال النبي ﷺ: «إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك، وكفيك». (٣) المَائدة: ٦.