الثاني: المطلق هل يحمل على المقيد، وفيه روايتان (١)؛ أحدهما: لا يحمل، والثانية: يحمل.
الثالث: أنّا علّقنا الحكم على أوائل الأسماء، كما قلنا في الشَفَق (٢)، وعندهم يعلّق على الحقيقة، وما يزد على المرافق سقط لقيام الدليل. أو نقول: إطلاق اليد في العرف ينصرف إلى الكف (٣)، وعندهم ينصرف إلى الجميع (٤).
لنا:
قوله ـ تعالى ـ: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (٥) واليد عبارة عن الكف عرفاً وحكماً.
أما العرف فقوله ـ تعالى ـ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا﴾ (٦)، وقوله: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ إلى قوله: ﴿أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ﴾ (٧)، ولا يراد إلا الكف.
(١) ينظر: العدّة ٢/ ٦٢٨، ٦٣٦، ٦٣٨، ٦٤٠، روضة الناظر ٢/ ٧٦٥. (٢) الشَفَق: بقيّة ضوء الشمس وحُمْرتِها في أول الليل إلى قريبٍ من العَتَمة. وقال الخليل: الشَفَق: الحمرةُ من غُروب الشمس إلى وقت العِشاء الآخِرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. [ينظر: الصحاح ٤/ ١٥٠١، المحكم والمحيط الأعظم ٦/ ١٧١]. (٣) ينظر: المبدع ٨/ ٣٧٣، شرح الزركشي ٦/ ١٦٤. (٤) لم أقف على تعليل الحنفيّة أو الشافعيّة الذي ذكره المصنِّف، وإنما وجدت أن الحنفيّة يقولون: أن التيمم بدل الوضوء، والوضوء في اليدين إلى المرفقين، فيكون التيمم كذلك. [ينظر للحنفيّة: المبسوط ١/ ١٠٧، بدائع الصنائع ١/ ٤٥]. كما وجدتُ أن تعليل الشافعيّة متطابق مع تعليل الحنفيّة، وصرح الشافعيّ في الأم ١/ ٤٨، ٤٩ بقوله: «ومعقول إذا كان التيمم بدلاً من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيهما»، وفي الأم ٨/ ٦٠٨ (ط. دار الفكر ـ عام ١٤١٠ هـ) ما نصه: «واسم اليدين يقع على الكفين، والذراعين، وعلى الذراع والمرفقين، فلم يكن معنى أولى أن يؤخذ به مما فرض الله في الوضوء؛ من غسل الذراعين والمرفقين؛ لأن التيمم بدل من الوضوء، والبدل إنما يؤتى به في المبدل عنه». (٥) المَائدة: ٦. (٦) المَائدة: ٣٨. (٧) المَائدة: ٣٣.