للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدليل نهي النبي ـ صلَّى الله عليه ـ عن بيع ما لم يقبض (١)، وأنه أعم/ من ذلك اللفظ، كذلك هاهنا.

الثاني: أنا لو سلّمنا أن هذا يقتضي الجنس، فإنه اقتضى ذلك في حق من هو خالد في النار؛ لأنه قال ذلك في آخر الآية: ﴿وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (٢) فيكون الشرطان؛ الردة والموت، شرطان في الخلود، لا في حَبْط العمل.

وحملهم إياه على الثواب لا يصح؛ لأنه عام في الثواب وغيره، ولأن الثواب ثمرة الأعمال، وفرع عليها فإذا حَبِط دل على حَبْط الأعمال.

وقد روى ابن شاهين في كتاب «السنن» (٣) بإسناده عن ابن عباس، عن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ أنه قال: «الحدث حدثان؛ حدث باللسان، وحدث بالفرج منهما الوضوء جميعاً» (٤).

والفقه في المسألة أنا نقول: عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة،


(١) أخرجه الطيالسي ٢/ ٦٥٤، ح ١٤١٥، وعبد الرزاق، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى ٨/ ٣٩، ح ١٤٢١٤، وأحمد ٢٤/ ٣٢، ح ١٥٣١٦، وابن حبان ١١/ ٣٥٨، ح ٤٩٨٣، والدراقطني، كتاب البيوع ٣/ ٣٩٠، ح ٢٨٢٠، والبيهقي في السنن الكبير، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما لم يقبض وإن كان غير طعام ٥/ ٥١١، ح ١٠٦٨٥ من حديث حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعاً فما يحلّ لي منها، وما يحرم عليّ قال: «فإذا اشتريت بيعاً، فلا تبعه حتى تقبضه»، قال البيهقي: إسناده حسن.
(٢) البَقَرَة: ٢١٧.
(٣) كتاب المسند لأبي حفص ابن شاهين، ألف وثلاث مئة، أو ألف وخمس مئة جزء. [ينظر: تاريخ بغداد ١٣/ ١٣٥، تاريخ الإسلام ٨/ ٥٨١].
(٤) ذكره ابن الجوزي من طريق محمد بن المصفى عن بقية عن عمرو بن أبي عمرو عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله : «الحدث حدثان؛ حدث اللسان، وحدث الفرج، وحدث اللسان أشدّ من حدث الفرج، وفيهما الوضوء»، وقال ـ ابن الجوزي ـ: «وهذا حديث لا يصح، وبقية يدلس، فلعله سمعه من بعض الضعفاء وأسقطه؛ إذ هذه كانت عادته». وقال النووي: «ضعيف». [ينظر: التحقيق ١/ ٢٠١، خلاصة الأحكام ١/ ١٤٤].

<<  <   >  >>