للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيكون طاهراً، فلما لم يكن طاهراً بطل أن تكون صورة الدبغ في الجلد تعمل عمل ذلك في حقه.

وتلخيص الجواب أنا نقول: غاية كلامهم أن مقصود الدباغ:/ استخراج الفضول، وتماسك البَين، وهذا أمر لا يفيد الطهارة لا بطريق الوضع، ولا بطريق الانفصال مرسلاً، ألا ترى أن الكلب، والخنزير، والعظم، والشعر، واللحم من ذلك ما استصلاحه بطريق الوضع، ومنه ما يحصل بطريق الانفصال لكن لا يحكم بطهارته، فحينئذ يجب أن يكون الدباغ مقصوراً على مقصوده، ومثل ذلك لا يحصّل الطهارة.

وأما قولكم: إن الدباغ كالحياة؛ ممنوع، والتقديد في اللحم يساوي الحياة في [حفظ] (١) الصحة، ولا يساويها في التطهير، ولأن الحياة تبيح الانتفاع بالكلب، فهلا أباح الدباغ الانتفاع بجلده عند الشافعي (٢).

وأما الاستحالة فعندنا لا تطهّر (٣)، ولا تؤثر في طهارة العين، ولهذا نقول: لو استحال العظم النجس فصار رميماً لم يطهر، والخنزير لو استحال في المَلاَّحَة (٤) لم يطهر.

وأما جواز الانتفاع بها في اليابسات؛ فممنوع على إحدى الروايتين (٥)، وإن سلمنا على الرواية الأخرى فليس جواز الانتفاع في حال مما يدل على الطهارة، ولهذا الميتة تطعم للكلاب، والبُزاة (٦)،


(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (خالط)، وما أثبته هو الموافق للمعنى الصحيح، وقد تقدم قريباً قول المصنِّف: «ولأن الدباغ كالحياة في حفظ الصحة، فكان كالحياة في التطهير».
(٢) ينظر: المجموع ١/ ٢١٤.
(٣) ينظر: الإنصاف ١/ ٦٤، ٣١٨.
(٤) المَلاَّحَة: منبت المِلْح. [ينظر: تهذيب اللغة ٥/ ٦٥، الصحاح ١/ ٤٠٨، المحكم والمحيط الأعظم ٣/ ٣٧٧].
(٥) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٦٧.
(٦) البَازِي: ضَرْبٌ من الصُّقُورِ، والجمع: بَوَازٍ وبُزاةٌ. [ينظر: المحكم والمحيط الأعظم ٩/ ١١٢].

<<  <   >  >>