للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل على أنه دبغ بنجس إما أن يدبغ به إذا لاقى الجلد نَجُس، فإذا نَجُس في نفسه كيف يطهر غيره، وهذا لأن تطهيره للغير فرع طهارته في نفسه، فإذا كان في نفسه نجساً كيف يطهر غيره، وصار بمثابة ما إذا كان نجساً ابتداء من غير فرق، إلا أن هناك حصلت النجاسة من غير هذا المحل، وهاهنا حصلت من هذا المحل، والنجاسة في الحالين سواء.

فإن قيل: لا نسلم أنه تنجس بالملاقاة، بل نقدر له بقاء الطهارة ضرورة التطهير، كما في الماء المزال به النجاسة، فإنا نبقي له صفة الطهارة وإن لاقى النجاسة؛ ضرورة للإزالة، كذلك هاهنا.

/ الثاني: سلمنا أنه تنجس بالملاقاة ولكن لم قلت: إنه لا يطهر، وإنه ينجس؛ وهذا لأنه لا يتصور صونه عن النجاسة في حال الملاقاة، بخلاف ما إذا كان نجساً ابتداء فإنه يمكن الاحتراز عنه، وصار هذا بمثابة جلد المذكَّى إذا كان عليه نجاسة ثم دبغه، فإن ما يدبغ به يتنجس بالملاقاة، ومع ذلك يطهر، وكذلك الحجر في الاستجمار تنجس بالملاقاة، ويحصل به التطهير، كذلك هاهنا.

قلنا: أما المنع فباطل من قِبَل أن علة التنجيس قد وجدت وهي الملاقاة، فيستحيل منع الحكم مع وجود علته، وأما الماء فذاك ثبتت طهوريته على خلاف القياس لضرورة حصول التطهر به بالأمر، أما هاهنا فلا ضرورة فبقينا فيه على موجَب القياس.

أما قوله على التسليم لما بينا من أن الطهارة لا تحصل بالنجاسة؛ فأما دباغ جلد المذكى إذا كان عليه نجاسة فلا يطهره، بل لابد من غسله.

وأما الحجر فذاك ليس بتطهير، وإنما هو تخفيف، ولهذا لو لاقى المحل شيء رطب حكم بنجاسته، وإذا كان تخفيفاً فالحجر وإن تنجس إلا أنه لا يمنعه ذلك من حصول التخفيف به، أما هاهنا تطهير، والتطهير بالنجس لا يتصور بحال، فبطل ما قالوه، والله أعلم.

طريقة أخرى: وهو أنه جلد نجس العين فلم يطهر بالدباغ، دليله جلد الكلب والخنزير.

<<  <   >  >>