للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعمران بن حصين (١)، وعائشة، أنهم قالوا: إن جلود الميتة لا تطهر بالدباغ (٢)./ وقال أحمد: روي عن خمسة من أصحاب النبي ـ صلَّى الله عليه ـ منهم عمر (٣).

والفقه في المسألة: أنا نقول: الجلد جزء من الميتة نجس بالموت، فلا يلحقه التطهير، دليله اللحم، وهذا لأن الحكم إذا ثبت بعلة لم يزل مع بقائها، وعلة نجاسة الميتة مفارقة الروح، وذلك لم يزل فلا يزول التنجيس، ويقرب ما بين الأصل والفرع أن حكم الجلد حكم اللحم طرداً وعكساً، بدليل المذكَّى في الطهارة، والكلب والخنزير في النجاسة.

فإن قيل: دعواكم أنه نَجُسَ بالموت ممنوع، وإنما النجس معنى آخر غير الموت وسيأتي بيانه.

الثاني: هب أنه نَجُسَ بالموت، وأن الموت علة التنجيس، إلا أنه قد ترد علة تزيل الحكم مع بقاء علته، بدليل الطلاق الثلاث؛ فإن علة التحريم الطلاق، والتحريم يزول بالزوج والإصابة وإن كانت علته باقية وهي الطلاق، وكذلك التيمم رفع المنع من الصلاة مع قيام المانع وهو الحدث، فهلا جاز أن يكون الدباغ يزيل المنع من الانتفاع بالجلد، والحكم بنجاسته وإن كان المعنى الذي أوجب ذلك باق وهو الموت، وأما اللحم فلا يتأتى فيه الدباغ، بخلاف الجلد.


(١) عمران بن حصين بن عبيد بن خلف، أبو نُجيد، كان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، وكان مجاب الدعوة، وكان إسلامه عام خيبر، وغزا عدة غزوات، وكان صاحب راية خزاعة يوم الفتح، قاله ابن البرقي. وقال الطبراني: أسلم قديماً هو وأبوه وأخته، وكان ينزل ببلاد قومه، ثم تحول إلى البصرة إلى أن مات بها سنة ٥٢ هـ. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٢٠٨، أسد الغابة ٣/ ٧٧٨، الإصابة ٤/ ٥٨٤].
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب اللباس والزينة، ٥/ ١٦٨، ح ٢٤٨٣٨، وابن المنذر، كتاب الدباغ، باب ذكر اختلاف أهل العلم في الانتفاع بجلود الميتة ٢/ ٣٩٣، ح ٨٤٦ من طريق أشعث بن عبد الملك، عن محمد بن سيرين، قال: كان ممن يكره الصلاة في الجلد إذا لم يكن ذُكّي: عمر، وابن عمر، وعائشة، وعمران بن حصين، وأسيد بن جابر.
(٣) عزاه له أبو الخطّاب في الانتصار ١/ ١٦٦.

<<  <   >  >>