طريقة أخرى: أنا نقول: جزء من الحيوان خرج بالموت عن المالية، فلا يعود بالاستصلاح إلى المالية كاللحم، وهذا صحيح؛ وهو أن الموت يخلف الحياة في حلوله جميع ما حلته، فجميع ما كان يحكم له بالحياة مع وجوده يحكم له بالموت مع ارتفاع الحياة، والتنجيس حكم الموت، والموت علته، كما أن الطهارة حصلت بالحياة، فالحياة علتها، والدباغ لا يضاد الموت، ولا ينافيه، لجواز اجتماعهما، وإذا لم يضاد علية التنجيس وجب أن لا يرفع النجاسة؛ لأن الحكم لا ينفك مع [بقاء](١) علته، يؤكد صحة هذا أن التطهير إنما هو من باب القهر والقوة، فالمطهر قاهر بفعله، فإذن المقهور يجب أن يكون ما أوجب التنجيس وهي العلة، ومتى لم يقهر علة التنجيس فهو قاصر عن تحصيل الحكم.
فإن قيل: نحمل ذلك على ما قبل الدباغ.
قلنا: عنه جوابان:
أحدهما: أنه تسقط فائدة التخصيص بالسباع، فإنه لا يجوز افتراش جلد كل ميتة قبل الدباغ.
الثاني: أنكم قد قلتم: إن الجلد اسم لما بعد الدباغ.
ـ وأيضاً ـ ما روى ابن المنذر، عن عمر (٢)، وابن عمر،
(١) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق. (٢) أبو حفص، عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين، الشجاع الحازم، صاحب الفتوحات، يضرب بعدله المثل، كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم، وهو أول من وضع للعرب التاريخ الهجري، واتخذ بيت مال المسلمين، وأول من دون الدواوين في الإسلام، لقبه النبي ﷺ بالفاروق، وكنَّاه بأبي حفص، مات سنة ٢٣ هـ. [ينظر: أسد الغابة ٤/ ١٣٧، سير أعلام النبلاء ٣/ ٧١].