كتب إلى جهينة:«إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة، فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب». وفي لفظ آخر رواه ابن أبي ليلى (١)، عن عبد الله بن عكيم أن النبي ـ صلَّى الله عليه ـ «كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب»، وفي لفظ آخر رواه شريك (٢)، عن هلال بن أبي حميد الوزان (٣)، عن عبد الله بن عكيم:«أتانا كتاب النبي ـ صلَّى الله عليه ـ قبل موته بشهرين أن لا تنتفعوا من الميتة»، الخبر، وهذا خبر صحيح، رواه الإمام أحمد في «المسند»(٤)، وأبو داود (٥)،
(١) عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاري الكوفي، ويقال: أبو محمد، الفقيه، المقرئ، ولد في وسط خلافة عمر، وهو يصغر عن السماع منه، بل رآه يمسح على الخفين، وكان من أكابر تابعي الكوفة. [ينظر: وفيات الأعيان ٣/ ١٢٦، تاريخ الإسلام ٢/ ٩٦٦]. (٢) أبو عبد الله شريك بن عبد الله النخعي الكوفي الفقيه، القاضي، أحد الأعلام، ولد سنة ٩٥ هـ، ولم يرحل، بل اكتفى بعلم أهل بلده، وكان عاقلاً صدوقاً محدثاً، شديداً على أهل الريب والبدع، ولما ولي القضاء اضطرب حفظه، مات سنة ١٧٧ هـ. [ينظر: تاريخ الإسلام ٤/ ٦٤٢، الوافي بالوفيات ١٦/ ٨٧]. (٣) هلال بن أبي حميد، أو ابن حميد، أو ابن مقلاص، أو ابن عبد الله، الجهني مولاهم، أبو الجهم، ويقال غير ذلك في اسم أبيه، وفي كنيته، الصيرفي، الوزان، الكوفي، ثقة. [ينظر: تقريب التهذيب ص ٥٧٥]. (٤) المسند لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، قال أبو موسى المديني: هذا الكتاب أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة فجعله إماماً ومعتمداً وعند التنازع ملجأ ومستنداً، أنتقاه من أكثر من سبع مائة وخمسين ألف حديث، وجملته قرابة أربعين ألف حديث. [ينظر: خصائص المسند ص ١٣]. (٥) سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران، الإمام، أبو داود الأزدي، السجستاني، محدث البصرة، ولد سنة ٢٠٢ هـ، ورحل، وجمع، وصنف، وبرع في هذا الشأن، وكان في الدرجة العالية من النسك والصلاح، جمع كتاب السنن وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل ﵁، فاستجاده واستحسنه، مات سنة ٢٧٥ هـ. [ينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٤٠٤، سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٠٣].