على العين الطاهرة المطهرة للمحل، فكان بالتحري بين التصعير والذمير (١) أشبه، وذلك لا يجوز لعلّتي التي هي تجويز الهجوم على المحظور، كذلك ها هنا، ولا فرق.
وأما قولهم: إنه يمكن الوصول إليه؛ ممنوع، بل بالاشتباه قد تعذر الوصول.
وأما استقبال القبلة فقد تقدم جوابه، وكذلك الثياب لا يتحرى فيها بل يصلي بعدد النجس وزيادة/ صلاة.
فإن قيل: إذا قلتم: نصلي في الثوبين؛ فقد أمرتم بالصلاة مع النجاسة وذلك محرم.
قلنا: لا نسلم أن فعل الصلاة مع النجاسة في حال العذر محرم، ولهذا نجيز الصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد غيره، وهل تلزمه الإعادة على روايتين (٢)، وكذلك إذا صلى في ثوب نجس وهو لا يعلم، ثم علم أجزأته صلاته في إحدى الروايتين (٣)، وكذلك إذا صلى في ثوب نجس ليتوصل به إلى تأدية فرضه بيقين فهو معذور، فلم يحرم عليه ذلك، وصار كما نقول في المستحاضة ومن به سلس البول: يصلي، والحدث متجدد، ولكن يجعل ذلك كأنه ليس بحدث؛ للضرورة، وكذلك من لم يجد ماء، ولا تراباً جعل حدثه كالمعدوم في صحة صلاته؛ للضرورة.
فإن قيل: فلو كان العذر يصيّر الثوب كالطاهر، لوجب أن يكون الاشتباه يجعل الثوب النجس كالطاهر، فيصلي في أيهما شاء.
(١) التصعير: إمالة الخد عن النّظر إلى النّاس تهاوناً من كبر وعظمة. والذمير: الشجاع. [ينظر: المخصص لابن سيّده ١/ ١٣٤، تاج العروس ١١/ ٣٨٨]. ومعنى عبارة المصنِّف: التحري بين الإناءين الطاهر والنجس ـ بناء على مذهب المخالف ـ، إنما هو صدود عن أحد الإناءين وإقدام بشجاعة على الآخر بدون دليل. (٢) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٩٢، الإرشاد ص ٨٠. (٣) ينظر: الإرشاد ص ٢٣.