قلنا: إنما نأمره بالصلاة ليؤدي فرضه بيقين، فحاجته دعت إلى الصلاة في الثوبين، فإذا صلى في فرد ثوب فلا حاجة إلى تجويز صلاته، وحكمنا في النجس أنه كالطاهر.
فإن قيل: لا يجعل حال الاشتباه كحال علمه، كما قلنا في الأواني فإنه إذا كان معه إناء نجس حرم عليه استعماله، ولو اشتبه عليه إناءان حرم عليه ـ أيضاً ـ الاستعمال.
قلنا: إنما قلنا ذلك في الأواني لأنا نمنع التحري، ثم لو قلنا له: توضأ بكل إناء وصلِّ، لم يكن كأنه أدى فرضه بيقين؛ لأنه ربما استعمل النجس أولاً فتنجس ثيابه وبدنه، فإذا عاد وتوضأ بالثاني لم تزُل نجاسته، بخلاف الثياب فإن فرضه بيقين يحصل/ فافترقا.
ثم يبطل أصل السؤال بمن اشتبه عليه ثوبان على وجه لا يتميز؛ فإنه يصلي عندهم عرياناً، وصلاة الإنسان [عرياناً](١) ومعه ثوب طاهر بيقين محرَّمٌ، فلم جوزتم ذلك؟ ولم جوزتم إذا عدم الماء، والتراب أن يصلي وحدثه قائم؟ والصلاة مع قيام الحدث محرمة، ولم جوزتم صلاة المستحاضة ودمها جارٍ؟ وذلك محرم في غير وقت الحاجة، فثبت أن الحاجة تتيح ذلك تيسيراً من الشرع، فبطل ما قالوه، والله أعلم.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (عريان)، وما أثبته هو الصحيح لغة.