للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احتجوا:

بقوله ـ تعالى ـ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ (١)، فأباح التيمم بشرط أن لا يجد الماء، وها هنا هو واجدٌ للماء.

والفقه فيه: أن اشتباه المبدل لا يبيح الانتقال إلى البدل.

أصله إذا وجبت عليه رقبة فاشتبهت بعبيد غيره، فإنه لا ينتقل إلى الصوم، وإذا اختلط دم الحيض بدم الاستحاضة لا/ يبيح الانتقال إلى الشهور، وإذا اشتبه طريق النص هل هو صحيح، أو ضعيف لم ينتقل إلى القياس.

قالوا: شرط من شرائط الصلاة يمكن الوصول إليه بالاستدلال فيجب ذلك، دليله استقبال القبلة، وستر العورة، يبين هذا أن الصلاة بالتيمم لا تجوز إلا بشرط عدم الماء، ولا يجوز ثبوت العدم باشتباه الطاهر بالنجس وإن كانا على السواء، كما لو كان عنده ثوبان أحدهما نجس والآخر طاهر فإنه يتحرى ويصلي كذلك ها هنا، ولأن التحري اجتهاد واستدلال وهو دليل الله ﷿ نصبه للعباد ليتوصلوا به إلى أحكامه في الشرعيات، والرجوع إليه واجب في كل موضع يمكن الرجوع إليه، بدليل ما ذكرنا من الاشتباه.

الجواب:

أما الآية: فلا حجة فيها؛ لأن الواجد هو القادر على الماء، والاشتباه يعدم القدرة.

فإن قالوا: جهله بالطاهر لا يسلبه القدرة، كما قلتم في الناسي للماء في رحله (٢).


(١) النِّساء: ٤٣، المائدة: ٦.
(٢) الرَحْلُ: مسكن الرجُل، وما يستصحبه من الأثاث، والرحل أيضاً: مركب للبعير والناقة، وجمعه أرحُلٌ ورِحالٌ، والرحال: الدور والمساكن والمنازل، يقال لمنزل الإنسان ومسكنه: رحله. وانتهينا إلى رحالنا: أي منازلنا. [ينظر: الصحاح ٤/ ١٧٠٦، المحكم والمحيط العظم ٣/ ٣٠٠، النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٢٠٩].

<<  <   >  >>