الثاني: أن هناك إذا غلب الأكثر أسقطنا حكم المغلوب رأساً، وها هنا توجبون التحري والاجتهاد فبطل قولكم.
وأما الصلاة؛ فيصلى على الأموات بنية المسلمين سواء قلُّوا أو كثُروا.
وأما الرمي؛ فلا تعتبر الكثرة فيه، وإنما يعتبر دار الحرب، وأنها دار إباحة، ودار الإسلام دار أمان فحظر الرمي، ولهذا قال أحمد ﵀ فيما نقله بكر بن محمد (١): إذا تَتَرَّسَ (٢) المشركون بالمسلمين لم نرمهم إذا أمِنَّا ضررهم (٣).
وأما قولهم: إن الأصل في الماء الطهارة؛ فهو كذلك حتى تطرأ النجاسة فيصير الأصل في الماء النجاسة.
وأما التقوية بالكثرة لغلبة الظن فغير حاصل؛ لأن زيادة إناء في الطهارة لا يؤثر بحال [في](٤) تقوية ظن، وربما صادف النجاسة فاستعملها.
وربما قيل: إن التحري في الإناءين أولى من التحري في كله؛ لأن الأواني إذا كثرت كان الإشكال أكثر، ولنا طهور متيقن الطهارة يجوز استعماله مع وجود الماء لنوع عذر من زيادة ثمن، أو مرض، أو خوف عطش، فلا نتركه لأمر مشكوك فيه نخاطر فيه بصلاتنا وهي عماد الدين.
(١) أبو أحمد بكر بن محمد النسائي الأصل، البغدادي المنشأ، قال الخلال: كان أبو عبد الله يقدمه ويكرمه وعنده مسائل كثيرة سمعها من أبي عبد الله. [ينظر: طبقات الحنابلة ١/ ١١٩، المقصد الأرشد ١/ ٢٨٩]. (٢) التترّس: التستر بالتُرْس، وكذلك التَتْريس، والتُّرْس من السِّلاح: المُتوقّى بها، وجمعه: أَتْراس، وتِراس، وتِرَسَة، وتُرُوس. [ينظر: الصحاح ٣/ ٩١٠، المحكم والمحيط العظم ٨/ ٤٦٦]. (٣) لم أقف على رواية النسائي، ولكن هذا القول ذكره المرداوي في الإنصاف ٤/ ١٢٩. (٤) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وقد أثبته ليستقيم السياق.