للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب:

أما الحديث: فالذي روي أنه مسح بناصيته وعمامته، وذلك يجوز عندنا (١).

الثاني: أن الحديث قضية عين، وحكاية حال، فإذا احتملت وُقِفت، ووجه احتمالها أن تكون كما روي وأنه مسح ما ظهر، وتمم بالمسح على العمامة عما بطن؛ لأن ظهور بعض الرأس معتاد بخلاف ظهور بعض القدم، أو يحتمل أن الراوي ما شاهد إلا مبادأته بالمسح، فنقل ما رأى، ولم يقف حتى يرى تتمة المسح، كما لو رأى جلادَ النبي ـ صلَّى الله عليه ـ يجلد محدوداً في قذف، أو شرب فشهد جلدات فقال: جُلد الشارب بين يدي رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ عشر جلدات. وصدق فيما روى لكن لا يقطع بأن لم يزد عليها، ويحتمل أن يكون عبر عن جميع الرأس بالناصية، كما روي أنه أمر بجز النواصي (٢)، يعني: حلق الرأس؛ لأنه لا يجوز أن يعود إلى بعضٍ، لأنه نهى عن القزع (٣)، والقزع هو حلق بعض الرأس، فوُقِفت القضية لهذا التردد.

الثالث: أنه قد يعبر بالناصية عن الجملة قال الله ـ تعالى ـ: ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ﴾ (٤)، وقول القائل: عند فلان كذا كذا ناصية من العبيد، وأراد به الجملة، ويقال: ناصية مباركة، وناصية مسومة، وغير ذلك، وإذا كان يعبر بالناصية عن الجملة لم يكن فيما ذكروه حجة لهم.

وأما اللفظ الثاني فغير محفوظ، ولأنه يحتمل أن يكون مسح ببعض رأسه، وتمم على العمامة لعذر بدليل ما ذكرنا.


(١) تقدّم توثيق القول.
(٢) لم أقف عليه، ولكن روى الخلال ـ كما ذكر ذلك ابن القيم في أحكام أهل الذمة ٢/ ٧٤٤ ـ فقال: حدثنا يحيى بن جعفر بن أبي عبد الله بن الزبرقان، ثنا يحيى بن الكسر، ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أمر عمر أن تجزّ نواصي أهل الذمة، وأن يشدوا المناطق، وأن يركبوا الأكف بالعرض.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب القزع ٧/ ١٦٣، ح ٥٩٢٠، ومسلم، كتاب اللباس والزينة ٣/ ١٦٧٥، ح ٢١٢٠ من حديث ابن عمر .
(٤) الرَّحمن: ٤١.

<<  <   >  >>