قالَ المُوَفَّقُ (٢): والحيلُ كُلُّها مُحرَّمَةٌ لا تَجُوزُ في شيءٍ مِن (٣) الدِّينِ، وهو أن يُظهِرَ عقدًا مباحًا يُريدُ به مُحَرَّمًا، مُخادَعَةً وتَوَسُّلًا إلى فعلِ ما حَرَّمَ اللهُ، واستباحةِ مَحظوراتِه، أو إسقاطِ واجبٍ، أو دفعِ حقٍّ، ونحوِ ذلك.
فمن ذلك: لو كانَ لرجلٍ عشرةٌ صِحاحٌ، ومَعَ آخَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ مُكَسَّرَةٌ، فاقتَرضَ كلُّ واحدٍ مِنهما ما معَ صاحبِه ثمَّ تَبَارَيا تَوَصُّلًا إلى بيعِ الصِّحاحِ بالمُكَسَّرَةِ مُتفاضِلًا، أو باعَه الصِّحاحَ بمِثْلها مِن المُكَسَّرَةِ، ثمَّ وَهَبَه الخمسةَ الزَّائدةَ، أو اشتَرى منه بها أُوقِيَّةَ صابونٍ ونحوَها ممَّا يَأخُذُه بأقلَّ مِن قيمتِه، فكلُّ ما كانَ مِن هذا على وجهِ الحيلةِ فهو خبيثٌ مُحرَّمٌ، وأباحَه أبو حنيفةَ والشَّافعيُّ إذا لم يَكُنْ مَشروطًا في العقدِ.
(١) «المسودة في أصول الفقه» (ص ٤٥١). (٢) «المغني» (٤/ ٤٣). (٣) في (ع): من أمورِ.