فيُقال: السَّبُعِيَّةُ اعتَبَرها الشَّارِعُ عِلَّةً للطَّهارةِ حيثُ دُعِيَ إلى دارٍ فيها كلبٌ، فامتنعَ، ودارٍ أُخرى فيها سِنَّوْرٌ فأجابَ، فقِيلَ له، فقالَ: «السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» (١)، رَوَاه أحمدُ وغيرُه.
(أَوْ) ثَبَتَ اعتبارُه بـ (إِجْمَاعٍ (٢)، كَقَوْلِ شَافِعِيٍّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ) في الوُضوءِ: (مَسْحٌ، فَسُنَّ تَكْرَارُهُ كَاسْتِجْمَارٍ) حيثُ استُحِبَّ الإتيانُ فيه.
(فيُعتَرَضُ) على الشَّافعيِّ (بكراهةِ تَكْرَارِ مَسْحِ الخُفِّ) فيُقالُ: المسحُ على الخُفِّ لا يُستَحَبُّ تَكرارُه إجماعًا، وجوابُ المُستدِلِّ ببيانِ المانعِ لتَعَرُّضِه لتلفِ الخُفِّ، وسُؤالُ فسادِ الوضعِ نقضٌ خاصٌّ لإثباتِه نقيضَ الحُكْمِ، فإنْ ذَكَرَ المُعتَرضُ نقيضَ الحكمِ معَ أصلِه، فقالَ: لا يُستَحَبُّ تَكرارُ مسحِ الرَّأسِ كالخُفِّ: فهو القلبُ، لكنِ اختلَفَ أصلُهما، وإنْ بَيَّنَ المُعتَرضُ مُناسبةَ الجامعِ للنَّقيضِ ولم يَذكُرْ أصلَه، فإنْ بَيَّنَها (٣) مِن جهةِ دَعوى المُستدلِّ: فهو القدحُ في المناسبةِ، وإلَّا لم يَقدَحْ؛ لجوازِ أنَّ للوصفِ جهتينِ كمَحَلٍّ مُشْتَهًى: يُناسِبُ حِلَّه لإراحةِ القلبِ، وتحريمَه لكفِّ النَّفسِ.
(وَمِنْهُ) أي: مِن فسادِ الوضعِ (كَوْنُ الدَّلِيلِ عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ لِاعْتِبَارِهِ) أي: بألَّا يَكُونَ الدَّليلُ على الهيئةِ الصَّالحةِ لاعتبارِه (فِي تَرْتِيبِ الحُكْمِ) كأنْ يَكُونَ صالحًا لضِدِّ ذلك الحُكْمِ أو نقيضِه، فدَلَّ أنَّهما نوعانِ لخطابِ الوضعِ:
(١) «مسند أحمد» (٨٤٥٧).(٢) زاد في «مختصر التحرير» (ص ٢٢٣): في نقيض حكم.(٣) في «د»: بينهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute