يُسمَعُ ذلك مِن المُعتَرِضِ إذا كانَ في لفظِ المُستدلِّ إجمالٌ أو غرابةٌ، وإلَّا فهو تَعَنُّتٌ مُفَوِّتٌ لفائدةِ المُناظرةِ؛ إذ يَأْتي في كلِّ لفظٍ يُفَسَّرُ به لفظٌ وَيَتَسَلْسَلُ،
(وَعَلَى المُعْتَرِضِ بَيَانُ) الإجمالِ أو الغرابةِ بـ (احْتِمَالِهِ) أي: احتمالِ لفظِ المُستدلِّ لمعنيينِ فأكثرَ، حَتَّى يَكُونَ مُجملًا، كما لو قال المُستدلُّ: المُطلَّقةُ تعتدُّ بالأقراءِ، فلفظُ الأقراءِ مُجمَلٌ، فيَقولُ المُعتَرضُ: ما مُرادُك بالأقراءِ؟ فإذا قال: الحيضُ، أو: الأطهارُ، أجابَ بحَسَبِ ذلك مِن تسليمٍ أو منعٍ.
(أَوْ) بِـ (جِهَةِ الغَرَابَةِ) إما مِن حيثُ الوضعُ، كقَوْلِنا: لا يَحِلُّ السِّبْدُ؛ أي: الذِّئبُ، وكما لو قال في الكلبِ الَّذِي لم يُعَلَّمْ: خِرَاشٌ لم يُبْلَ، فلا يُطلِقُ فريستَه كالسِّبْدِ، ومَعنى «لم يُبْلَ»: لم يُختَبَرْ.
وأمَّا مِن حيثُ الاصطلاحُ، أي: مِن حيثُ الغرابةُ، أي: خلْطُ اصطلاحٍ باصطلاحٍ، كما يُقالُ في القِيَاساتِ الفقهيَّةِ لفظُ الدَّوْرِ، أو (٣) التَّسلسُلِ، أو الهَيُولة (٤)، أو المادَّةِ، أو المبدأِ، أو الغايةِ، نحوُ أنْ يُقالَ في شهودِ القتلِ إذا رَجَعوا: لا يَجِبُ القصاصُ؛ لأنَّ وُجوبَ القصاصِ تَجَرَّدَ مَبْدَؤُه عن غايةِ مقصودِه، فوَجَبَ ألَّا يَثْبُتَ، وكذا ما أَشْبَه ذلك مِن اصطلاحِ المُتَكَلِّمينَ، إلَّا أنْ يَعرِفَ مِن حالِ خصمِه أنَّه يَعرِفُ ذلك، فلا غرابةَ حينئذٍ.
(١) «الصحاح» (٦/ ٢٢٨٥). (٢) «الصحاح» (٣/ ٩٥٨). (٣) في «د»: و. (٤) في «د»: الهيولا.