ومرادُه: أنَّ معنى الوصفيَّةِ يَدَّعِي رجوعَ الكلِّ إليه باعتبارٍ، وإنْ كانَ المقصودُ هنا نوعًا من ذلك خاصًّا باعتبارِ الآتي بيانُه.
إذا تَقَرَّرَ ذلك فمفهومُ الصِّفَةِ:(أَنْ يَقْتَرِنَ بِعَامٍّ صِفَةٌ خَاصَّةٌ) قال الطُّوفِيُّ وغيرُه: هي تعقيبُ ذِكْرِ الاسمِ بصفةٍ خاصَّةٍ في معرضِ الاستدلالِ (٢)، (كَـ) قولِه: (فِي الغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ)، ونحوِ:«فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكَاةُ»(٣) وهذا لفظُ الحديثِ، ولذلك قال كثيرٌ مِن العلماءِ: هو تعليقُ الحكمِ بإحدى صِفتيِ الذَّاتِ، فشَمِلَ المثالينِ، وبينَ الصِّيغتَينِ فرقٌ في المعنى.
وقالَ ابنُ العِراقيِّ: الحقُّ عِندي أنَّه لا فرقَ بينَهما، فإنْ قُلْنا:«سائمةُ الغنمِ» مِن إضافةِ الصِّفَةِ إلى موصوفِها، فهي في المعنى كالأُولى، والغنمُ موصوفةٌ والسَّائمةُ صفةٌ على كلِّ حالٍ، وقد عُلِمَ أنَّه لَيْسَ المرادُ بالصِّفَة هنا النَّعتَ، ولهذا مَثَّلُوا بقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ»(٤)، والتَّقييدُ فيه بالإضافةِ لكنَّه في معنى الصِّفَةِ، فإنَّ المرادَ به المطلُ الكائنُ مِن الغنيِّ لا مِن الفقيرِ.
(وَهُوَ) أي: مفهومُ الصِّفَة بأنواعِه الآتيةِ (حُجَّةٌ) مَعمولٌ به عندَ الأكثرِ (لُغَةً) أي: من حيثُ دَلالةُ اللُّغةِ ووضعُ اللِّسانِ على الصَّحيحِ، ووجهُه: لو
(١) «البرهان في أصول الفقه» (١/ ١٦٨). (٢) «شرح مختصر الروضة» (٢/ ٧٦٤). (٣) رواه البخاري (١٤٥٤) ضمن حديث أنس الطويل في الزكاة ولفظه: وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ شَاةٌ .. الحديث. (٤) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.